تجديد الخطاب الديني والإعلامي لمواجهة الفكر المتطرف في مصر بقلم: نادي عاطف
تواجه مصر، كغيرها من الدول، تحديات متزايدة في مكافحة الفكر المتطرف، الذي يتخذ من التشدد والانغلاق أداة لتشويه المفاهيم الدينية والاجتماعية. وفي ظل هذا التحدي، يبرز الدور المحوري لتجديد الخطاب الديني والإعلامي كوسيلة فاعلة لمواجهة التطرف وتعزيز قيم التسامح والاعتدال.
أولًا: تجديد الخطاب الديني
يشكل الخطاب الديني ركيزة أساسية في توجيه الوعي الجمعي للأفراد، ولذلك فإن الحاجة إلى تحديثه أصبحت ضرورة ملحة. لا يعني التجديد التخلي عن الثوابت الدينية أو المساس بالقيم الأصيلة، بل يتطلب تقديم تفسير عصري للنصوص الدينية يواكب متطلبات العصر.
تشمل خطوات التجديد:
- التأكيد على وسطية الإسلام: من خلال إبراز قيم الرحمة، التسامح، واحترام الآخر.
- إعادة تأهيل الدعاة: لضمان قدرتهم على مخاطبة جمهور الشباب بلغة تتماشى مع العصر.
- محاربة الفكر المغلوط: بتوضيح الأحاديث الصحيحة وتفنيد الفتاوى المتطرفة.
إن المؤسسات الدينية، مثل الأزهر الشريف ووزارة الأوقاف، تلعب دورًا هامًا في قيادة هذا التجديد، لكن لا يمكن أن يقتصر الأمر على الجهود الرسمية فقط.
ثانيًا: تطوير الخطاب الإعلامي
الإعلام هو السلاح الأكثر تأثيرًا في تشكيل الفكر وتغيير السلوك، ومن هنا تأتي مسؤوليته في مواجهة الفكر المتطرف.
على الإعلام أن:
- ينشر ثقافة الحوار: من خلال استضافة أصوات متنوعة تمثل مختلف التوجهات، وإدارة النقاشات البناءة.
- يتصدى للأكاذيب: عبر الكشف عن المنصات التي تروج للفكر المتطرف وتحذير المجتمع من مخاطرها.
- يعزز القيم الإيجابية: كالتعايش السلمي، والمواطنة، وقبول الآخر.
علاوة على ذلك، يجب أن تُنتج مواد إعلامية مبتكرة تستهدف الشباب، كونهم الفئة الأكثر عرضة للتأثر بالفكر المتطرف، مع التركيز على الاستفادة من وسائل التواصل الاجتماعي كمنصة للتوعية.
التكامل بين الدين والإعلام
لا يمكن فصل الخطاب الديني عن الإعلامي، فكلاهما يسهم في صياغة وعي مجتمعي أكثر نضجًا وقدرة على رفض التطرف. المطلوب هو تكامل الجهود بين المؤسسات الدينية والإعلامية، بالتعاون مع الجهات التعليمية والثقافية، لإحداث تغيير جذري في طريقة تفكير الأفراد ونظرتهم للحياة.
إن تجديد الخطاب الديني والإعلامي ليس رفاهية، بل هو واجب وطني لمواجهة خطر يهدد استقرار المجتمع. فالمعركة ضد الفكر المتطرف ليست عسكرية فقط، بل فكرية وثقافية في المقام الأول. وكلما تمكنا من تطوير أدواتنا الفكرية، زادت قدرتنا على حماية شبابنا وبناء مستقبل أكثر إشراقًا