د.هبة عبد العزيز تطلق الصالون الثقافي حول المخاطر التي تواجه مهنة الصحافة والصحفيين

د.هبة عبد العزيز تطلق الصالون الثقافي حول المخاطر التي تواجه مهنة الصحافة والصحفيين

متابعة – علاء حمدي

بحضور مجموعة متنوعة من الخبراء والشباب، وفي إطار العمل على نشر الوعي ودعم الثقافة بالمجتمع، والتطرق إلى وضع الحلول للمشكلات التي تواجهها مهنة الصحافة، وحقوق الصحفيين، عقدت الدكتورة “هبة عبد العزيز” صالونًا ثقافيًا متنوع الأطراف بهدف تعدد الرؤى والاقتراحات، وقد تمت مناقشة الموضوع من عدة مداخل ومنظورات مختلفة، كما أجاب نقيب الصحفيين “خالد البلشي” على التساؤلات المختلفة من الحضور.

وقد تناول الحضور مختلف الإشكالات التي تواجه الصحافة مؤخراً، من خلال مجموعة جوانب مختلفة، للتطرق إلى وضع بعض الأسس للتطوير، ودور النقابة في توفير الحماية للصحفيين، وتهيئة الكوادر لمواكبة المتغيرات الجديدة كالتطور التكنولوجي، الذي أصبح من مهددات مهنة الصحافة في العصر الحديث.

الصالون أداة هامة لدعم الوعي الثقافي:
في البداية أشادت الدكتورة “هبة عبد العزيز” بأهمية فكرة الصالون الثقافي، مردفة بأنها ليست بفكرة مبتدعة بل إنها قديمة ولها أصول تاريخية، منذ عصور قديمة انتقالًا إلى الوقت الحالي، لكن كان لها رونق خاص ومختلف في بدايتها، لأنها فى الحقيقة كانت تحمل طائفة من المثقفين تتسم بالتنوع بين أدباء وشعراء، كل منهم له القدرة على العطاء والإبداع في ابتكار الحلول، لكن بعد أحداث ثورة 23 يوليو 1952، بدأت هذه الأمور تختلف نتيجة بعض اختلال وتغيرات في المجتمع، ورغم محاولات حقيقية عديدة لإنعاش فكرة الصالون الثقافي من جديد وتطويرها مرة أخرى، عادت من جديد للتقهقر بعد أحداث ثورة يناير 2011، مؤكدة أنه وفقاً للواقع السياسي والمجتمعي تبقى هذه الحالة المترددة باستمرار.

في هذا الإطار أكدت الدكتورة “هبة عبد العزيز” كونها قد ظلت أسيرة لفكرة الصالون الثقافي، وكيفية أن يدار الصالون عبر مجموعة من متعددي الرؤى والأفكار المختلفة تماماً، في جلسة معاً تهدف إلى النقاش المثمر، معبرة عن إعجابها الشديد بصالون الكاتبة “مي زيادة”، في ظل التفاف شخصيات بارزة حوله كعمالقة الأدب “طه حسين” و “الرافعي” و “العقاد”، وهو مزيج مبهر من الإبداع، وإنها قد وجدت في ذلك حلمًا رائعًا من أحلامها المؤجلة منذ الصغر، معبرة عن استياءها من أن اليوم لم يعد هناك إلا القليل من النماذج التي يعتد بها كصالون ثقافي ناجح، لاسيما صالون نجيب محفوظ والصالونات التي تطلقها وزارة الثقافة، لكن في المجمل لم يعد للصالون الثقافي البهجة والرونق الخاصين به طوال مسيرته، وأنه على هذا الأساس كان هدف هذا الصالون تبني الأفكار والإبداعات الثقافية والمقترحات والحلول للمشكلات بدلاً من مجرد النقد اللاذع، للحديث وأنها تسعى لطرح ما يجب أن يكون موجود بدلاً من مجرد انتقاد الموجود.

من هذا المنطلق تم إطلاق هذا الصالون الثقافي بهدف البحث والتحدث عن موضوع من النقاط الهامة التي نسعى اليوم لخوض هذه النسخة عنها، ألا وهو “الصحافة”، وفي هذا الإطار يجيب نقيب الصحفيين الكاتب الكبير”خالد البلشي” على تساؤلات الدكتورة “هبة عبدالعزيز” والحضور، حول التباين بين النظرية والتطبيق لدراسة الصحافة بالنسبة لطلبة كلية الإعلام والواقع العملي، والتباين أيضًا بين القواعد والقوانين الخاصة بالنقابة وما يحدث بالفعل، والحاجة لتطوير الصحافة والاهتمام بتدريب الكوادر في ظل التطورات التكنولوجية المعاصرة ومخاطرها، حيث عدم استعداد الطلبة الحاليين لمواكبة هذا التطور بالصورة المثلى، وعدم تمكن الصحفيين الحاليين من استيعاب هذا التطور حتى الآن، إلى حد تهديد مهنة الصحافة باستبدال الصحفيين بالإنسان الآلي “روبوت”، وكيفية سد هذه الفجوة الخطيرة.

الصحافة ومسار حرية التعبير:
أكد نقيب الصحفيين “خالد البلشي” أنه بالرجوع إلى نماذج قديمة في مهنة الصحافة لها ثقل كبير، يتضح أنها عايشت ظروف ما سمحت لها بالتطور، لاسيما أن هناك حاجة إلى قدر من الحرية لمهنة الصحافة حتى نفرز هذه المواهب، واليوم هناك الكثير من الأفكار المبتكرة لكيفية تدريب هذه الكوادر، وهذا الأمر قرين بحالة المجتمع لكونه يفتح هذه الأبواب بأشكال مختلفة لتلبية الاحتياجات، والصحافة بها احتياج للمعرفة بشكل متواصل، شكل المعرفة يمكن أن يختلف، لكن في النهاية ستظل لها احتياج مباشر بأي طريقة، وإعطاء قدر ومساحة من الحرية، فهذا الأمر سيظل احتياج إنساني بشكل مستمر، ولذلك عقب أيضًا بأن الفكرة الأساسية من مهنة الصحافة متعلقة بكيفية تلبية الحاجات الإنسانية، سواء كانت صحافة ورقية أم تليفزيونية أم موقع إلكتروني أو غيرها.

وقد تناول مفهوم “صحافة المواطن” كميزة إضافية يمكن للصحافة تقديمها، لكن مع الوقت باتت هناك حالة من الفوضى في المجال، وأرجع هذه الفوضى إلى غياب الكثير من التفاصيل، مثل عدم السماح للتطور الطبيعي للظاهرة الاجتماعية، حيث كان هناك الكثير من عوامل الوقف التي قابلت تطورها، لكن في النهاية هذا المفهوم كان قد طُرِحَ من أجل أن يكون هناك مظلة حماية نقابية، تشمل جميع الأطراف الذين يمارسون هذه المهنة وتحميهم، لكن اليوم بات هناك تطور ثقافي مميز وتوافرت أفكار مختلفة ومدارس مختلفة، حالة من السيولة في المجتمع، مع تأكيده على أن الحرية الحقيقية هي (التنوع) وليس مجرد المعارضة، أي أهمية توافق مجموع العام في ظل التزام تام بالتشريعات والقوانين، مع عد وجود قيود على البحث العلمي.

مواكبة الصحافة للتطور التكنولوجي:
عَقَّب نقيب الصحفيين “خالد البلشي” أن هناك حاجة كبيرة لتدريب المجموعات التي تدخل مهنة الصحافة حديثاً، والتصنيف الحقيقي أيضًا وتوفير الحماية، لكن واجهها في الواقع الرفض التام لهذه النوعية، وتركت للمجال العام المفتوح، الذي كان من المفترض أن يكون هناك دور ومساهمة حقيقية للصحافة في ضبطه، ويمثل ذلك خطورة شديدة بكون هذه المساحة فارغة، بدلاً من أن تملأ نتاج المعرفة المنضبطة.

وأكد أنه لا يرى أن السوشيال ميديا تمثل خطرًا على المجتمع بشكل كبير، بل من الممكن تحويلها لأداة منضبطة لنشر المعرفة واحتواء هذه النماذج وضبط سلوكها، لضمان انتشار المعرفة الحقيقية، وعدم ترك مساحة للمجال المفتوح وآثره السلبي على المجتمع وعلى تطور الظاهرة الاجتماعية، بل وضمان آثار إيجابية له.

التباين بين النظرية والتطبيق في مهنة الصحافة:
خلال رده على تساؤل الحضور حول الاختلاف بين ما يتم تدريسه من مناهج علمية والواقع العملي للصحافة، أجاب نقيب الصحفيين “خالد البلشي” أنه من الضروري التشجيع على البحث العلمي الحقيقي، والآن أصبح هناك الكثير من الطرق والأساليب العلمية المتبعة بالفعل، لتهيئة الكوادر والطلبة إلى الواقع العملي، والبحث العلمي أهمها، ويجب أن لا تقع قيود عليه لضمان فاعليته، إلى جانب ذلك يلعب مركز التدريب بالنقابة دور مهم بتوفير فرص تدريب عديدة، منها بالفعل ما هو غير متاح الآن، لكن يتم العمل أيضًا على توفيره وعقد دورات تدريبية جديدة، بما يلبي تحقيق خطة تلاحق التطور التكنولوجي وخلق فرص حقيقية للكوادر الجديدة، مع تطوير الأدوات القائمة.

كما تناول الحضور النقاش حول الدور الذي يمكن أن يلعبه مركز التدريب في النقابة، لإعادة تأهيل الصحفيين للتعامل مع وسائل الإعلام والمتغيرات التكنولوجية الجديدة، وأن هناك حاجة في ذلك إلى خطة طموحة تلبي حاجات الصحفيين، وتلاحق التطور التكنولوجي الذي يمكنه تهديد الصحفيين مستقبلاً، وعقب على ذلك نقب الصحفيين أن هناك بعض القصور حقيقًة في هذا الدور، لكن هناك أيضًا جهود مستمرة للتطوير، وقد أكد أنه قد تم تخصيص 650 ألف جنيه بهدف تطوير العملية التدريبية للمتدربين من الطلبة أو الكوادر المتميزة، وأن جزء من دور النقابة هو إعادة الرؤية الثقافية المبدعة، والتحرك وإن كان خطوة تلو الأخرى وهو أمر في غاية الأهمية للاستفادة الحقيقية من هذا التطوير.

وفي الختام، أكد نقيب الصحفيين “خالد البلشي” على تجارب الاهتمام بصنع المحتوى وصانعي المحتوى، كأحد الأدوات التي يجب ضبطها من قبل الصحافة والإعلام، كونها مدخل هام لتوفير الدخل والعائد الكبير، وبالتالى يجب توفير مساحات لصناعة المحتوى وتحفيز كافة الأطراف لتحقيق ذلك.