محاضرتان ضمن دورة الإستشهادية سناء محيدلي للإعداد الإعلاميالتي تنظمها عمدة الإعلام في “القومي” وجريدة “البناء

محاضرتان ضمن دورة الإستشهادية سناء محيدلي للإعداد الإعلاميالتي تنظمها عمدة الإعلام في “القومي” وجريدة “البناء

ضمن برنامج دورة الإستشهادية سناء محيدلي للإعداد الإعلامي، بعنوان “الإعلام سلاح الحق والمعرفة ـ المعرفــة قـوة”، والتي تنظمها عمدة الإعلام في الحزب السوري القومي الاجتماعي وصحيفة “البناء”، في قاعة الشهيد خالد علوان في بيروت، حلّ وزير الثقافة في حكومة تصريف الأعمال القاضي محمد وسام المرتضى ضيفاً محاضراً بعنوان: “البعد الثقافي والعقائدي والأخلاقي في الكادر الإعلامي”.

كما قدّم رئيس تحرير “البناء” النائب السابق ناصر قنديل محاضرة بعنوان: “الذكاء الإعلامي في الخطاب والأداء قوة”.
وإلى المشاركين في الدورة، حضر رئيس المجلس الأعلى في الحزب سمير رفعت ونائب رئيس الحزب وائل الحسنية وعدد من اعضاء قيادة الحزب، وقدمت للمحاضرين، وكيل عميد الإعلام في “القومي” رمزا صادق.

المرتضى
الوزير المرتضى قسّم محاضرته إلى ثلاثة محاور هي:
الإعلام من ناحية المفهوم والدور خصوصا في زمن الكوزموبوليتانية
في هذا السياق، أشار مرتضى الى أن “هذه الندوة تجمعنا تحت عنوان لم يعد منذ زمن بعيد مجرد بحث نظري في مجالات العلوم الإنسانية والإجتماعية، بل غدا ركناً أساسياً من أركان استراتيجيات التحكم بالشعوب ومصائرها وخيراتها، سواء اعتمدت له الخطط السياسية أو العسكرية أو الأمنية أو الاقتصادية”. وقال: “لقد أثبتت تجارب العالم خلال القرن الذي أعقب الحرب العالمية الثانية، وهو الزمن الذي شهد تأسيساً لنظريات الإعلام ووظيفته في عالم ما بعد الحداثة، أن من يملك الرواية يملك التاريخ ويؤسس بروايته لصيرورة البشرية، وخضوع هذه الصيرورة لمرتكزات فكرية تحولت إلى مسلمات تنظيرية وقواعد أكاديمية قد يكون بعضها مبنياً على فكر مريض ومشوه”.
أضاف: “لقد بنى العالم المنبثق من أهوال تلك الحرب ازدواجية واضحة في النظرة إلى الإعلام ووظيفته، وأسس المستعمر نفسه لفلسفتين في ذلك: إعلام دول الاستعمار القائم على فكرة الإلحاح والتأثير والسيطرة على عقول الجماهير وأفكارهم من خلال توجيه ما يسمى بالرأي العام، وإعلام دول المستعمرات القائم على فكرة الاستعلامات من خلال الإخبار والتوضيح بهدف صناعة الرأي العام ليس أكثر؛ وبتنا نحن، الذين توهمنا بأننا أسياد أنفسنا بعد منحنا الإستقلال الفيزيائي لا الثقافي، نعمل مع أجيالنا النخبوية على صناعة رأي عام في مجتمعاتنا، فإذا به قابل لاستثماره من المستعمر الهادف في كل سياساته إلى السيطرة والتحكم”.
وسأل: “كم من مرة غرقنا في حوارات ومناظرات عقيمة حول الحيادية الإعلامية وقواعد المهنية في النشر والبث، وحق الجمهور في الاطلاع على المعلومة، في الوقت الذي كان فيه تدفق الرسائل الإعلامية الغربية يصنع لدى جمهورنا تهيؤات واقتناعات تتناول قضايا جوهرية، تحكمت بها للأسف الصور النمطية المفترية على حضارتنا وثقافتنا وهويتنا، سواء أدركنا ذلك أم لم ندرك؟”
وتابع: “ان احتفاظ البشر بخصوصياتهم وقيمهم المجتمعية مع الانفتاح الإيجابي على الآخر هو حكمة إلهية تهدف إلى رفع قيمة التواصل الإنساني في سيره الراقي نحو التكامل والإحاطة الشاملة بمناهل المعرفة. فكيف أصبح التمسك بهذه الفطرة الإنسانية أشبه بطائر مكسور الجناح أمام عواصف الأطروحات التي تبشر بأن البشر بنية كونية تقهر الفلسفات المتعلقة بالأفكار والهوية والتاريخ والسرديات الكبرى وأحادية اليقين المعرفي فيما بات يسمى بالـكوزموبوليتانية، وهي الأيديولوجية التي تقول إن البشر ينتمون إلى مجتمع واحد، في حين أن الحقيقة تكمن في أنها أيديولوجية لتسويق المنتجات وتحويل البشر إلى قطيع من المستهلكين لكل ما تنتجه الشركات الكبرى حول العالم؟”

الإعلامي ومكونات الهوية: الشخصية والثقافة والعلامة الفارقة
ورأى مرتضى أنّ “قوة أي مجتمع تتجلى في قوة حضور هويته، وهذا ما عبر عنه الزعيم أنطون سعاده في مقولته الشهيرة: المجتمع معرفة، والمعرفة قوة. وأصل المعرفة أن يبدأ الإنسان باكتناه هويته، هذه الكلمة التي تتكون من ثلاثة عوامل مركزية: الثقافة والشخصية والعلامات الفارقة”. وأضاف: “في الثقافة، نحن المشرقيين ننتمي إلى تراث يمتد إلى عشرات آلاف السنين، بل إلى بدء ظهور الاجتماع البشري. أرضنا وسدت للحضارات مهداً، إليها جاء الإيمان الديني، وفيها دونت الشرائع الوضعية، ومنها انطلقت مغامرة العقل الأولى في بحثها عن الإنسان في نفسه وروحه ومأتاه ومصيره”.
وسأل: “كم هي مساحة الجهد التي تعطيها كوادرنا الإعلامية في مجال التسويق لهذه الثقافة وتعزيزها ومقاربتها بأسلوب تقني وفني مواكب للتطور لتغرس في أجيالنا المقبلة ثقافة التفوق؟”
وأشار الى نظرية عالم التطور النفسي الاجتماعي الألماني الأميركي إريك إريكسون الذي يعتبر أن المجتمعات كما الأفراد تبنى شخصياتها على مدى براعتها في إتقان مهارة التعامل مع التحديات. وقال: “نحن على مدى العقود الأربعة الأخيرة، تمكنا من تجاوز عشرات الأزمات والخروج منها برؤوس مرفوعة، كان أثقلها وطأة على هويتنا وشخصيتنا هو كابوس الإحتلال الإسرائيلي. فلماذا انشغل معدو ومقدمو البرامج والمراسلون ومذيعو الأخبار في مؤسساتنا الإعلامية بالبحث عن نقاط تثبيط العزائم داخل مجتمعنا وبث روح التيئيس والقنوط في نفوس أجيالنا، حتى النظر إلى الآتي من خارج الحدود على أنه النموذج والقدوة، برغم كل نقاط الضعف التي تجتاحه؟”
ورأى أنه “آن الأوان لإعادة النظر في كل السياسات الإعلامية التي تدعي في ظاهرها الوطنية والموضوعية والحرص على السلم الأهلي، في حين يتضح من خلال مخرجاتها أنها تتحمل المسؤولية الرئيسية في تحويل مجتمعاتنا إلى مجموعات، وعصبتنا الوطنية إلى عصابات، وأضحى شبابنا يخجلون بهويتهم التي أفنى الأجداد والآباء أعمارهم في سبيل المحافظة عليها ومنعها من الذوبان تحت نار الغزوات والاجتياحات والانتداب والاحتلال، وهنا تكمن أهمية الأبعاد الثقافية لدى كوادرنا الإعلامية، وهذا برأينا أهم في مناهج كليات الإعلام عندنا من تنمية المهارات، فالمهارة بلا ثقافة تفسد أكثر مما تصلح”.
واعتبر أن “المعركة الأخطر مع أعداء أهل هذه الارض هي معركة كي الوعي وطمس الحقائق وعليكم أن تكونوا عازمين على هزيمتهم في هذا الميدان بدوره بأن نمنعهم من أن يستولوا على وعينا وعقولنا ووجداننا حتى لا يلاشوا واقعنا ويسرقوا منا المستقبل الذي هو لنا ولكل الأحرار”. وأضاف: “لأن العدو متيقن من أن رائحة البارود التي جربها لن تفلح في تحقيق مآربه التوسعية، فقد أعد العدة لحرب من نوع آخر هي حرب الرقمنة والإعلام الجديد ومدفعية التغريد وألغام التيك توك وأعتدة إنستاغرام وغيرها من الترسانة الرقمية. في هذه المعركة ستكون علامات الموت عدم مواكبة الذكاء الاصطناعي في ما يمكن أن يصل إليه عندما يشوه العدو أهدافه، ويستعمله لقتل مجتمعاتنا. نحن من هذا المنظار مشروع موت جماعي إن لم نقاوم باستعمال الأسلحة الجديدة نفسها. علماً أن لدينا من الطاقات العلمية الحديثة ما يؤهلنا للانتصار الحتمي في معركة المعرفة هذه، التي عليكم أن تخوضوها، متسلحين بالوعي والإرادة والعلم والثقة بالانتصار”.

الكادر الإعلامي والأخلاقيات المهنية
ولفت وزير الثقافة إلى أن “عصراً باتت الآلة فيه تتحكم بمحتوى الاتصال الإنساني، وأصبح الإنسان الآلي يتولى جمع المعلومات والمواد البصرية والنصية وتحرير التقارير في بضع ثوان، لم يعد يجدي فيه أي حديث عن سبق صحفي يبرر الوقوع في أخطاء إعلامية”، معتبراً “أن زمن وسائل التواصل الإجتماعي أثبت بما لا يدع مجالاً للشك أن الفارق الزمني بين لحظة وقوع الحدث وبين لحظة نشره أصبح يساوي صفراً. وأمام هذه التحديات المهولة، نسأل من موقعنا الثقافي والإنساني: ماذا بقي للصحافة من قيمة”؟
وقال: “الجواب حتما يكمن في لفظة موصوفة تتجاوز بكثير كل بروتوكولات الروبوت وسياسات منصات وسائل التواصل: إنها الأخلاقيات الإعلامية. فما يميز عقل الإنسان هو قدرته على ممارسة عمليات البراغماتية في التمييز بين الصواب والخطأ. وهذا العقل إن أحسن الصحافي استخدامه، مكن صاحبه من أن يطفئ ناراً قبل اشتعالها، ويحبط مؤامرة قبل تنفيذها، ويسحب فتيل حرب قبل اندلاعها، ويوقظ في كثير من الأحيان ضمير فاسد قبل اقترافه لمفسدة يعزم عليها. ليس الصدق مسؤولية اختيارية لدى الصحافي الملتزم بأخلاق المهنة، كما أن التشهير بالأشخاص اختبار لقدرة الصحافي على الاستثمار في ستر عيوب الناس أو كشفها بحسب ما تقتضيه المصلحة العامة. وأيضا، إن اختيار العبارات وتهذيبها هو حرفة راقية يتقنها الصحافي المحترف في تجنب الوقوع في فخ العنصرية والتنمر”.
وتابع:”هذه الأخلاقيات لم تعد في زمن الآلة سؤالاً اختيارياً في امتحان إثبات قدرات الصحافي، بل صارت ميزة إلزامية لكل من قرر أن يتخذ من الصحافة والإعلام مهنة، وإلا، فإن الخروج القهري من المنافسة مع الآلة في سوق العمل يصبح حتمياً”.
وأكد أنه “لا بد للقيمين على الإعلام، وعلى بناء الكوادر الإعلامية، من التمسك بالأخلاقيات المهنية ومن تفعيلها والتحفيز عليها، بدلا من إخمادها وطمسها بتقنيات وبرمجيات لا روح فيها”.
وختم: “لكل كادر إعلامي نقول: أنتم رسل الحقيقة وخطوط وصولها إلى الناس، ولستم أدوات تسويق وترويج أعمى. رقابتكم الذاتية على أدائكم هي أكثر قيمة في مهنتكم من أي مكسب مادي. أنتم حراس الهوية المؤتمنون على مكوناتها، أنتم مصلحو المجتمعات الآخذون بيدها نحو رفاهها واقتدارها واعتزازها بتاريخها وحاضرها؛ أنتم صناع مستقبل بلداننا، لأن ما تكتبونه اليوم سيكون حقائق الغد، فإما أن يصبح عملكم مشعلا طويل العمر ينير دروب الأجيال التي سوف تأتي، وإما أن يمضي إلى ليل يواري سوأة الإعلام الفاسد، من قصور ربما أو تقصير”.

وقال: “نتذكر ونذكر أننا نلتقي في رحاب مكان يحمل اسم الشهيد خالد علوان الذي خطب في الإسرائيلي بملء رصاصه أن لا مكان لك على كل هذه الأرض فأرعبه وأخرجه من بيروت التي كانت فاتحة خروجه من سائر الأرض المحررة فألف تحية لروحه المقدامة الحرة الأبية.
نلتقي في قاعة خالد علوان لنخوض غمار دورة تدريبية تحمل اسم شهيدة ما كانت سوى الغد المتقمص جسد فتاة في أوج ربيعها، ليس في بالها سوى أرضها التي يقبع عليها غرباء سفاحون، لبست في يوم تضحية صباها قنبلة، وتزنرت بأحلامها صاعقا ومضت لتفجر الذعر في عيون الصهاينة وتكتب الحروف الأولى من ملحمة التحرير. إنها عروس الجنوب سناء محيدلي الحية في دورة الأرض حول مجدها الذي تكتبه الأحلام والأقلام فداء وثقافة انتصار. فألف تحية لروحها الطاهرة وجسدها المزروع في تراب الخلود”.

قنديل
في محاضرته بعنوان: “الذكاء الإعلامي في الخطاب والأداء قوة”، رأى قنديل “أنّ العناصر اللازمة لتأمين أعلى مستويات الأداء الإعلامي كفاءةً هي امتلاك المقدّرات والخطّة وبعدما شرح بإسهاب مكوّناتهما وأبرزها المعرفة والذكاء، أكّد أنّ “الإعلامي الناجح هو الإعلامي العارف والذكيّ”.
وأوضح أنّ “الهدف من هذه الدورة كما لكلّ بحث في رفع مستوى الأداء الإعلامي، هو امتلاك مصادر وأدوات تجعل الخطاب الإعلامي بمنصّات مختلفة، الخطابة أو الحوار التلفزيوني أو استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، أكثر قوّة”، شارحاً أن تعريف القوّة “ينطلق من المُقارنة بأيّ عمل حربي، ما يعني تثبيت مواقع صديقة واقتحام مناطق عدوّة وتحييد مناطق محتملة الانقلاب إلى العداء، واستقطاب مناطق كانت محايدة عبر نقلها إلى موقع صديق”، معتبراً أنّ “هذا لا يتحقّق بمجرد امتلاك الموقف الملتزم بالحقّ وامتلاك أدوات قوّة كافية، فالجيوش التي تُمثّل دولاً على صواب لا تنجح بحروبها من دون خوض الحروب بالمهارة والكفاءة والخطّة الحربيّة”.
أضاف: “وكذلك في الأداء الإعلامي، لا يكفي أن نمتلك الموقف الحقّ ومُقدّرات كافية لحمايته والتعريف به لننجح في المعركة الإعلاميّة، فقد يُتاح لنا منبر الخطابة ومنصّة الحوار واستخدام وسائل التواصل وتنتهي معركتنا بالفشل، أو بالنجاح المتواضع بما لايتناسب مع حجم ما نملك من موقف حقّ ومن مُقدّرات”.
ولفت إلى أنّه “عندما نتحدّث عن الإعلامي فنحن نتحدّث عن عامل في الشأن العام سلاحه المعرفة، فهو مثقّف يخوض صراع العقول والأفكار، وأوّل مُقدّراته هي المعرفة والثقافة”، مشيراً إلى أنّ العناصر اللازمة لتأمين أعلى مستويات الأداء كفاءةً “تتشكّل كما في العمليّة الحربيّة، أولاً المُقدّرات وهي هنا المخزون المعرفي، الذي يتضمّن عمقاً ثقافيّاً وحشداً معلوماتيّاً منظّماً في الذاكرة، صالحاً للاستخدام عند الحاجة، والمعرفة بالموضوع الذي يُشكِّل عنوان الصراع الإعلامي وكلّ خلفيّاته وما يتصل بتطوّراته ومواقف الأصدقاء والأعداء والخصوم والمحايدين وكيفيّة تفكير كلّ طرف منهم تجاهه، وثانياً امتلاك الخطّة، وهي تتضمّن القدرة على الابتكار، لتوزيع المُقدّرات بشكل يتناسب مع الأهداف، وطبيعة المواجهة. فإذا كان لدينا مدفعيّة ثقيلة، ولنفترض أنها تعني هنا العمق العقائدي والثقافي، فهذا لا يعني أنّ كلّ معركة تستدعي استخدامها”.
وأوضح “أنّ العنصر الثاني بعد امتلاك المقدّرات هو حسن اختيار ما تحتاجه منها كلّ معركة، ثم تجهيزها وتوفير الذخيرة اللازمة لها وتحديد في أيّ مواقع يتمّ توضيعها وما هي الأسلحة الرئيسة منها وما هي أسلحة الاحتياط، وما هي أسلحة الاقتحام وما هي أسلحة الدفاع وما هي أسلحة تغطية الانسحاب”، لافتاً إلى أنّ “التركيز على تمييز أسلحة الاقتحام لا يعني إهمال ما عداها”.
ورأى أنّ عناصر النجاح تتراكم “بالاستناد إلى الخبرة والتجربة المتكرِّرة وما يُسمّى المراس، والقدرة على الابتكار وحُسن استخدام مخزون الذاكرة وحُسن التعامل مع الوقت، وحُسن التمييز بين درجات الحرارة لكل مرحلة، وذكاء التفاعل بين حركات الجسد واللحظة الإعلاميّة”، معتبراً أنّ “الذكاء الإعلامي هو ذكاء الخبرة وما يُسمّى السليقة أو الحدس، وذكاء الابتكار أو الحِرفة وذكاء الذاكرة أو البديهة، وذكاء الوقت والتوقيت أو التحكُّم وذكاء الحرارة والبرودة أو النبرة، وذكاء الجسد أو الاندماج أو الحضور، ويُضاف إليها ذكاء الأخلاق، وذكاء النظر وذكاء الدهاء، ويبقى الأهمّ ذكاء اللغة”.
وأكّد أنّ “على الإعلامي أن يمتلك ذكاءَ التجديد والمفاجأة، وأن يبني أسلوبه الخاصّ وإضافاته الخاصّة”، مشدِّداً على أنّ “المعلومات والمعارف التي لا تُستخدم في إحداث تغيير في حياة البشر تفقد قيمتها، والتغيير المنشود ليس دائماً تغيير حال المجتمع، بل هو أحياناً تغيير طريقة التفكير، التنبيه لمخاطر وخلق الشعور بالقُدرة والقوّة وكيف يُمكن أن نستخدم المعلومات والمعارف ما لم نتداولها مع الناس”. وأوضح أنّ “أداتنا لحفظها وترتيب استخدامها وتوقيت استخدامها هي البديهة المستندة إلى الذاكرة، وهنا لا مكان للكسالى الذين لا يقرأون، وإن قرأوا لا يمنحون أنفسهم حقّ الفهم والهضم والاستيعاب، وإنْ استوعبوا وفهموا لا يقومون باستحضار ما يعرفون عند الحاجة إلى استحضاره، شرط أن يعلموا ماذ يستحضرون ومتى وكيف”.
وإذ اعتبر أنّ “ذكاء الوقت والتوقيت” هو من أخطر أنواع الذكاء التي يحتاجها الإعلامي عرض للعناصر المطلوبة في الإعلامي الناجح ولاسيّما في المقابلات المسموعة والمرئيّة ومنها الصوت والنبرة، الحضور، ذكاء النظر، الأخلاق، اللغة والدهاء الذي هو الفطنة، والحنكة، والنجاح باستخدام أساليب ومهارات تُوفّر الفرص للنجاح”.
وختم مؤكّداً أنّ “مجموع المعارف اللازمة للإعلامي يُشكّل مخزوناً يزداد غنى، ولا يتوقّف عن طلب المزيد، فلا سقف للمعرفة هنا، وكلّما اتسعت المعرفة بالمعلومات والمفردات والقواعد، والتقنيّات والمهارات، صارت فرص الإعلامي أكبر في الظهور الناجح، لكنّ الخيارات المتعدّدة تفتح طريق الحيرة، وربما تتسبّب بالارتباك، ولذلك كانت أهميّة الذكاء، وكلمّا تمرَّن الإعلامي على كيفيّة استخدام أدواته المعرفية والتحرُّك بينها، قام بتدريب ذكائه، حتّى يُصبح اختياره أسرع وأسهل وأنجح، حيث السليقة والغريزة هنا، تعبيرٌ عن نُضج الخبرات والتمكّن من الأدوات، والإعلامي العارف أفضل من الإعلامي الذكيّ لكنّ الإعلامي الناجح هو الإعلامي العارف والذكيّ”.