منيمنة: البلاد تدار اقتصاديا بعقلية استهداف مصالح اللبنانيين بفوضى متعمدة

منيمنة: البلاد تدار اقتصاديا بعقلية استهداف مصالح اللبنانيين بفوضى متعمدة

البلاد تدار اقتصاديا بعقلية استهداف مصالح اللبنانيين بفوضى متعمدة

في شهر آذار، بلغت نسبة التضخّم وارتفاع الأسعار السنويّة أعلى مستوياتها على الإطلاق منذ بداية الأزمة، لتصل إلى حدود ال263.84%. مع العلم أنّ لبنان شهد خلال السنوات الثلاث الماضية انهيارات أسرع وأقسى في قيمة العملة المحليّة، دون أن يصل التضخّم إلى هذه النسبة.

إنّ ما جرى لا يمكن فصله أولًا عن قرار دولرة الأسعار في السوق، الذي دخل حيّز التنفيذ في بداية آذار. هذا القرار، الذي حذّرنا منه يومها، روّجت له إعلاميًا نقابتي المستوردين ومحال السوبرماركت، بحجّة حماية حقوق المستهلك، رغم تحذير جمعيّة حماية المستهلك من تداعياته. كما حذّرنا من تشريع وزارة الاقتصاد والتجارة لهذه الخطوة، استجابة لضغوط التجّار، بقرارات متسرّعة وغير مدروسة. وكانت النتيجة فوضى في التسعير ورفع الأسعار بالدولار النقدي، وضمان هوامش الربح للتجار بالدولار، دون تصحيح أجور الموظفين أو تسديد الضريبة على الربح بحسب قيمة الدولار الفعليّة.

كما يتصل ارتفاع الأسعار بقرارات تصحيح سعر الصرف المعتمد لتسديد الرسم الجمركي والضريبة على القيمة المضافة. ورغم إصرارنا منذ البداية على سياسة توحيد أسعار الصرف، بما فيها أسعار الصرف الضريبيّة، إلا أنّنا نرى أن هذه الخطوات جاءت بدورها متخبّطة دون رؤية أشمل تضمن: الحد من التهريب والتهرّب الضريبي، وضبط سعر الصرف بعد توحيده بحسب سياسة نقديّة مدروسة من قبل المصرف المركزي.

وهذه المسائل تنتج بدورها عن عدم وجود خطّة إنقاذ ماليّة شاملة تستند إليها هذه الإجراءات، وتتكامل مع المعالجات المطلوبة على مستوى القطاع المصرفي والميزانيّة العامّة وإعادة هيكلة الدين.

نحمّل مسؤوليّة كل ما سبق من تطوّرات سلبيّة إلى وزير الاقتصاد، صاحب قرار السماح بدولرة أسعار السوبرماركت المتسرّع وغير المدروس، بل والمتواطئ على مصالح اللبنانيين. كما يتحمّل حاكم مصرف لبنان مسؤوليّة الفوضى المتعمّدة في السياسة النقديّة، إلى جانب وزير الماليّة المسؤول عن عدم وضع أي رؤية شاملة لتصحيح السياسة الضريبيّة المعتمدة من قبل الدولة. أمّا رئيس الحكومة وفريق عمله فيُسأل عن مصير خطّة التعافي، وعدم مصارحة اللبنانيين بخصوص مصيرها في الوقت الراهن.

كل ما سبق ذكره يعيد طرح السؤال الذي نعيده منذ بداية الأزمة: لمصلحة من تُدار الأمور في البلاد اليوم؟ وأي مصالح تخدم كل الإجراءات التي يجري اتخاذها بالمفرّق؟ وهل هي بحسب خطّة ظل تسير على أساسها المنظومة السياسيّة؟