ألقى سماحة العلامة السيد علي فضل الله، خطبتي صلاة الجمعة، من على منبر مسجد الإمامين الحسنين(ع) في حارة حريك، بحضور عددٍ من الشخصيّات العلمائيّة والسياسيّة والاجتماعيّة، وحشدٍ من المؤمنين، ومما جاء في خطبته السياسية:

ألقى سماحة العلامة السيد علي فضل الله، خطبتي صلاة الجمعة، من على منبر مسجد الإمامين الحسنين(ع) في حارة حريك، بحضور عددٍ من الشخصيّات العلمائيّة والسياسيّة والاجتماعيّة، وحشدٍ من المؤمنين، ومما جاء في خطبته السياسية:

ألقى سماحة العلامة السيد علي فضل الله، خطبتي صلاة الجمعة، من على منبر مسجد الإمامين الحسنين(ع) في حارة حريك، بحضور عددٍ من الشخصيّات العلمائيّة والسياسيّة والاجتماعيّة، وحشدٍ من المؤمنين، ومما جاء في خطبته السياسية:

عباد الله أوصيكم وأوصي نفسي بوصية الإمام الحسن(ع)، لأحد أصحابه وهو جنادة بن أبي أمية حين قال: دخلت على الإمام الحسن(ع) وهو على فراش الموت يعاني من آثار السم الذي دس له، وقلت له عظني يا بن رسول الله، قال(ع): “استعدَّ لسفرك، وحصّل زادك قبل حلول أجلك، واعلم أنّك تطلب الدنيا والموت يطلبك، ولا تحمل همّ يومك الذي لم يأتِ على يومك الذي أنت فيه، واعلم أنّك لا تكسب من المال شيئاً فوق قوّتك إلاّ كنت فيه خازناً لغيرك.. واعمل لدنياك كأنّك تعيش أبداً، واعمل لآخرتك كأنّك تموت غداً، وإذا أردت عزّاً بلا عشيرة، وهيبة بلا سلطان، فاخرج من ذل معصية الله إلى عزّ طاعة الله عزَّ وجلَّ”..

أيُّها الأحبة: إننا أحوج ما نكون إلى هذه الوصايا لنكون أكثر وعياً ومسؤولية لمسارنا في هذه الحياة وأكثر قدرة على مواجهة تحديات الحياة.

والبداية من فلسطين، حيث شرعت الحكومة الصهيونية ومنذ أسبوع بتنفيذ مخططاتها وأطماعها ومشاريعها العدوانية على الصعيد الفلسطيني والعربي، فنراها تكثف الغارات على سوريا، وتطلق المزيد من التهديدات على لبنان، وتزيد من ضغوطاتها على الداخل الفلسطيني، وهنا ننبه إلى الخطورة الكبيرة حيال ما يجري بحق المسجد الأقصى والذي تسعى هذه الحكومة ومعها المستوطنون إلى تهويده والذي رأينا مشاهده تحصل في الأعمال العدوانية الشرسة التي استهدفت المصلين والمعتكفين فيه وحماته وإعطاء كل الحرية للمستوطنين وجيش الاحتلال للعبث به، ومن هنا إننا ندعو وانطلاقاً من هذا الشهر المبارك إلى موقف حازم لا يقف عند حدود البيانات والتصريحات بل إلى تبني موقف جاد وحازم وجدي، يمنع هذا العدو من مواصلة عدوانه لا سيما في استباحة المسجد الأقصى والسيطرة عليه…

ضمن هذه الأجواء جاء العدوان الإسرائيلي الخطير الذي استهدف جنوب لبنان وقطاع غزة، والذي برره العدو الصهيوني بأنه يأتي رداً على القصف الصاروخي المجهول المصدر والأهداف الذي أتى من لبنان.

وقد ِأشار هذا الاعتداء إلى مدى عدوانية هذا الكيان الذي سارع إلى اتهام الفصائل الفلسطينية وبشكل خاص حماس وتحميلها مسؤولية ما جرى رغم أن أياً من هذه الفصائل لم تتبن ما جرى وهي لديها جرأة التبني، وإلى المأزق الذي يعاني منه هذا العدو الذي بات مكبل اليدين في ظل أزماته التي يعاني منها في الداخل، ولا يملك حرية الحركة، وغير قادر على الرد على ما يتعرض له، خشية رد المقاومة في لبنان ورد المقاومة الفلسطينية في غزة، بعدما كان العدو يسرح ويمرح ولا يجد رادعاً من أية ممارسة عدوانية يقدم عليها.

وهذا يظهر أهمية الردع الذي تقوم به المقاومة والذي يجعل العدو يحسب ألف حساب لها، ما يدعو اللبنانيين بكل تنوعاتهم إلى أن يكونوا أكثر تمسكاً بكل موقع من مواقع القوة التي يمتلكونها والتي لا ينبغي التفريط بها في مواجهة عدوانية العدو وغطرسته.

ونعود إلى الوضع الداخلي والذي تستمر معاناة الإنسان فيه، بسبب الجمود الذي ما زلنا نشهده على الصعيد السياسي، والذي ينعكس بطبيعته على الصعيد المعيشي والحياتي الاقتصادي والاستقرار الأمني، بعدما أصبح واضحاً أن لا حلول لأزمات هذا البلد أو خروجاً عما يعاني إلا بإصلاح ما فسد وبخطة تخرجه من أزماته، وإذا كان من تحسن كالذي نشهده في الانخفاض الجزئي لسعر صرف الدولار، فهو تحسن جزئي وآني لا يفي بالغرض، وليس حلاً شاملاً ما دام لم يعالج الأسباب التي أدت إلى كل ما يعاني منه اللبنانيون، بل نرى أسلوب العلاج فيها يزيد من حدة الأزمات.

ومن هنا، فإننا نجدد دعوتنا لكل من يتولون مواقع المسؤولية؛ أن كفى هدراً للوقت واستنزافاً لموارد الدولة وعبثاً بمقدرات البلد وبما تبقى من ودائع اللبنانيين وإذلالهم، بأن تبادروا إلى إنجاز الاستحقاقات التي تعيد بناء الدولة والقيام بإصلاحات هي ضرورية للإنقاذ ولاستعادة الثقة بلبنان ومد يد العون لإخراجه من الانهيار والتردي الذي وصل إليه…

إن باب الحل بأيديكم بعدما أصبح واضحاً أن الخارج الذي يراهن عليه البعض لم يعد لبنان من أولوياته، وأن الأجواء الإيجابية التي تحصل على الصعيد الإقليمي لم تصل بعد إلى هذا البلد وقد لا تصل،

لذلك أنتم مدعوون رأفة بهذا البلد وبإنسانه إلى التلاقي والتوافق والتنازل لحساب الوطن وإنسانه، وهو لن يبنى بالأسقف العالية ولا بالمشاريع غير الواقعية ولا ببقاء كلٌّ في مكانه لا يريد أن يتزحزح.

ومن هنا، فإننا نحذر من كل الأصوات التي تمس بوحدة هذا البلد والتعايش بين طوائفه ومذاهبه. إن من حق كل فريق أن يكون له رأيه في إدارة شون البلد ومن يتولاه، ولكن ليس من حق أحد أن يمس بوحدته التي جعلت لبنان رسالة وأنموذجاً لقدرة الطوائف والمذاهب على أن تبني معاً وطناً هو وطن الرسالات.

ونبقى على الصعيد الداخلي، لنحذر من تنامي أجواء الاحتقان الحاصلة بين اللاجئين السوريين واللبنانيين، والتي تسببها الظروف الاقتصادية القاسية وما ينتج منها من معاناة اللبنانيين، وتنامي الخوف في نفوسهم من خطة لتوطينهم والتأثيرات التي يحدثها ذلك في التوازن داخل الساحة اللبنانية، ما يدعو إلى ضرورة العمل على علاج هذا الأمر وإزالة الهواجس التي بدأت تتفاعل لدى اللبنانيين إن من خلال التعاون مع الحكومة السورية أو مع مفوضية اللاجئين في الأمم المتحدة المعنية بشؤونهم، وندعو إلى عدم إدارة الظهر لذلك وعدم إبقاء هذا الملف مفتوحاً بل إغلاقه بما فيه المصلحة للبنانيين والسوريين.

وعلى صعيد الانتخابات البلدية، فإننا نعيد التأكيد على أهمية إجراءات الاستحقاقات في موعدها حتى لا تصبح القاعدة في هذا البلد تأجيل الاستحقاقات، ولأهمية هذا المرفق في تسيير أمور المواطنين والتخفيف من وقع الأزمات عليهم بعد انكفاء الدولة عن أداء دورها رغم وعينا لما تعانيه البلديات من عدم تأمين الموارد الكافية لها للقيام بدورها.