الجلسة الحواريّة الأولى حول نظام السجون في لبنان أقامتها قوى الأمن بالتعاون مع المشروع المموّل من الاتّحاد الأوروبي والمنفّذ من قبل FIIAPP وCIVIPOL

في إطار التعاون القائم بين المديريّة العامّة لقوى الأمن الداخلي والمشروع المموّل من الاتّحاد الأوروبي “تعزيز الشرطة المجتمعيّة في لبنان” والمنفّذ من قبل FIIAPP وCIVIPOL، أقيمت بتاريخ 30-03-2023 في ثكنة الرائد المهندس الشهيد وسام عيد / معهد قوى الامن الداخلي- عرمون الجلسة الحواريّة الأولى حول نظام السجون في لبنان “التحديّات وسبل المضيّ قدمًا”.

حضر الجلسة قائد معهد قوى الامن الداخلي العميد الركن معين شحادة ممثّلًا المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان، وممثّلة الاتّحاد الأوروبي السيّدة انغربرغ زورن Ingerberg Zorn، ومديرة المكوّن الثالث ” حقوق الإنسان” في المشروع السيّدة لايا كاستلز Laia Castells، ورئيس لجنة حقوق الإنسان البرلمانيّة النائب د. ميشال موسى، النائب جورج عقيص عضو لجنتي الإدارة والعدل وحقوق الإنسان البرلمانيّة، وممثّل وزارة العدل القاضي رجا أبي نادر- المشرف على مديريّة السجون في الوزارة، وعدد من ضبّاط قوى الأمن الدّاخلي، وقضاة، ومحامون، وطلّاب جامعات، وعدد من المنظّمات الدوليّة، وجمعيّات المجتمع المدني التّي تعنى بحقوق الإنسان.  

بدأ الحفل بالنشيدين اللبناني والأوروبّي، ثمّ ألقت ممثّلة مشروع FIIAPP السيّدة كاستلز الكلمة التالية:

هذا الحدث هو نتيجة للتعاون الوثيق والشراكة بين المديريّة العامّة لقوى الأمن الداخلي وFIIAPP، مشروع الشرطة المجتمعية. لقد عملنا كفريق واحد لتحقيق هذا اليوم. ونشعر بالفخر الشديد بالعمل والجهود التي تبذلها قوى الأمن الداخلي لتوفير خدمة أمنية أكثر شمولاً وتواصلًا وحساسية تجاه حقوق السكان الأكثر ضعفًا في هذا البلد خلال هذه الأوقات الصعبة.

كما كانت كلمة لممثّلة الاتّحاد الأوروبي السيّدة زورن، مما جاء فيها:

يدعم الاتحاد الأوروبي قوى الأمن الداخلي في تبني نهج الشرطة المجتمعية، مما يعني خدمة الشرطة التي تمتثل لحقوق الإنسان، وهي منفتحة على الحوار والتبادل مع المواطنين. يقر الاتحاد الأوروبي بالجهود الكبيرة التي تبذلها قوى الأمن الداخلي في الظروف الحالية لتنظيم جلسة حوار مهمة كهذه حول نظام السجون اللبنانية، وهو موضوع يتطلب اهتمامًا فوريًا ويجب معالجته بشكل عاجل من قبل المؤسسات اللبنانية ومواطني البلاد.

كذلك، ألقى رئيس لجنة حقوق الإنسان البرلمانيّة النائب د. ميشال موسى كلمة مما جاء فيها:

إنه لأمر مهم أن نجتمع مع الهيئات الأهلية والدولية بهدف واحد، ولطالما اجتمعنا أنا وزميلي الأستاذ جورج عقيص مع كل المكوّنات التي تعمل وتُعنى بموضوع السجون، ولكن للأسف حتى الآن لا نرى أي تقدّم، نتيجة الظروف والإمكانيات الطارئة. هناك عنوانَيْن كبيرَيْن فيما يخص السجون: الاكتظاظ والأمور المعيشية، الاجتماعية، الصحية، والتأهيلية أيضاً. إن الاكتظاظ، يعود إلى عدم بناء سجون جديدة، هذا القرار كان يجب اتّخاذه من زمن، وكان هناك محاولات وتجارب، واتُّخِذَت قرارات معيّنة لكنّها بَقِيَت دون تنفيذ، وهذا يدلّ على أن تكون أهمية هذا الموضوع على طاولة مجلس الوزراء. الموضوع الثاني الذي يُعنى بالاكتظاظ هو موضوع قضائي. وفي موضوع الضابطات العدلية بالتحقيقات، هنا لا بدّ من أن نتكلّم بموضوع مهم جدًا، المادة 47 من قانون المحاكمات الجزائية، علينا أن نسعى لتطبيق هذا القانون والتعديل الذي أُدخِلَ، وهذا حق من حقوق كل مواطن للدفاع عن نفسه بشكل طبيعي. أريد أن أشيد بأن مؤسسة قوى الأمن الداخلي تُطوّر ذاتها بشكل كبير بما يخصّ التعاطي مع حقوق الإنسان، من خلال الاشتراك بكل المؤتمرات التي لها علاقة بهذا الموضوع. هذه شهادة منظورة لهم وبنشاطاتهم وتطوير ذاتهم، وهذه الندوة هي جزء من هذا التطوّر والسعي إلى متابعة عملهم بما يتماشى مع القوانين الدولية. نحن اليوم بظرف استثنائي بموضوع السجون، وهذا يستدعي تضاعف كل الجهود من الجمعيات الأهلية التي نجتمع فيها بشكل دوري وكثيف، والتي لها دور أساسي جدّا، ونطلب دائمًا تفعيل التنسيق بين هذه الجمعيات برعاية وزارة الداخلية وقوى الأمن الداخلي والمؤسسات الدولية التي بدورها أيضا تقوم بجهود كبيرة.

وكانت كلمة لممثّل وزارة العدل- مديريّة السجون القاضي رجا أبي نادر في المناسبة، أبرز ما تضمنت:

أمام واقع السجن الصعب ماذا يمكن أن نتّخذ كموقف، أسهل شيء الاستسلام كون المشاكل كبيرة وكثيرة. النقطة الأساسية أنه لا يحق لنا الاستسلام أمام هذا الواقع بالذات. اليوم في لبنان لدينا حوالي /10،000/ نزيل، من لن يخرج منهم المحكوم عليهم بالإعدام أي 8% من المسجونين، ومن حُكِمَ عليهم بالسجن المؤبّد أي 14% من المسجونين، أما الباقون سوف يخرجون ولن يكون هناك وسيلة نقل تنتظرهم لنقلهم إلى حيث يريدون، ونحن لنا الدور كيف سيخرجون، أم نادمون أم حاقدون! على المجتمع وعلى كل ما تمثّله السلطة. المشكلة الأساسية التي تجعل مهمّتنا أصعب ولكن ليس مستحيلة، أنه من 3 إلى 4 سنوات تكلّمنا عن استراتيجية لإعادة تأهيل النزلاء، وإقامة مشاغل منها ميكانيك سيارات، اليوم نحن نتكلّم عن كيلوغرام اللحمة والدجاج وكيفية تأمين الدواء والمستلزمات الصحية. هذا الأمر لا يجب أن يوقفنا أو يمنعنا عن أهدافنا، والخطوة الإيجابية هي اجتماعنا اليوم. لا يسعني سوى شكر مؤسسة قوى الأمن الداخلي على المسؤولية التي تقع على عاتقها، والتي لا يجب أن تتحملها لوحدها، وعلى المقاربة التي أخذتها على عاتقها، مقاربة الباب المفتوح والذهن المنفتح. أشكر المجتمع المدني، والدولي، لأنه يعمل مكان الدولة منذ 40 سنة، واليوم دوره هو الأهم. هناك مواضيع أساسية يمكن أن تُخرجنا من كبوتنا إذا عملنا يد بيد مع قوى الأمن الداخلي والمجتمع المدني لنؤمّن أدنى مستوى من الحقوق لهؤلاء الأشخاص الذين بغض النظر عن جرمهم، إذا كانوا أبرياء أم مذنبين، كل إنسان بعهدة الدولة اللبنانية له الحق بأن يُعامَل بكرامة، وهذا هدفنا المُطلَق والنهائي.

ثمّ ألقى قائد معهد قوى الأمن الداخلي كلمة المدير العام لقوى الامن الداخلي اللواء عماد عثمان، هذا نصها:

يُسعِدُني أنّ أرحّبَ بكم اليومَ جميعًا في رحابِ معهدِ قوى الأمنِ الدّاخلي الذي وضعَ نصبَ عينيه هدفًا واضحَ المعالمِ، ألا وهو تطويرُ التّقنيّاتِ الشّرطيّةِ، ورفعُ كفاءةِ العناصرِ الأمنيّةِ وتصويبِ أدائِها، وإعدادُ مدرّبينَ يَعونَ مسؤوليّاتِهم ويعملونَ على تنميةِ خبراتهم بهدفِ قطفِ ثمارِها أمنًا واستقرارًا في حياةِ المواطنين. وهذا كلّه نابعٌ في الأصل من تطبيق أنموذج الشّرطة المجتمعيّة عبر تعزيز الدّور الذي تؤدّيه مؤسّسة قوى الأمن الدّاخلي عن طريق تعزيز قدراتها المؤسّساتيّة لتأدية مهامها بطريقة خاضعة للمساءلة، والتزامها بتعزيز التّعاون مع المجتمع المدني. هكذا نقود المؤسّسة الأمنيّة إلى مستوى متقدّم يؤمن بالتّماسك الاجتماعي وحماية المجتمع بالتّوافق مع سيادة القانون وحقوق الإنسان. لقد حدّد تنظيم قوى الأمن الدّاخلي، في مادّته الأولى، مهام قوى الأمن في مجالي الضّابطة الإداريّة والضّابطة العدليّة، وفي مجالات أخرى، منها حراسة السّجون وإدارتها عند الاقتضاء. وهذا بالطّبع يلقي على عاتقنا مسؤوليّة كبيرة نسعى دائمًا إلى تحمّلها بعزيمة وإصرار كبيرين، على الرّغم من الأوضاع الصّعبة التي تمرّ بها سجون لبنان، ولكنّ واجبنا الوظيفي والوطني يحتّمان الاستمرار في هذا النّضال. إنّ إلقاء نظرة إلى واقع السّجون في لبنان، تبيّن الواقع الصّعب الذي تعاني منه، ولاسيّما فيما يخصّ قدرة هذه السّجون الاستيعابيّة حيث بلغ عدد السجناء حتى الأمس ٨٣٣٧، ٦٢٩٧ منهم في السجون و١٩٤٠ ضمن نظارات قصر العدل (٤٢٦) والقطعات الإقليمية (١٥١٤)، بحيث تحولت هذه النظارات وبشكل قصري، نتيجة للاكتظاظ في السجون، إلى سجون على الرغم من افتقادها لمعايير تنظيم السجون وتصميمها. ان القدرة الاستيعابية لسجن رومية على سبيل المثال هي ١٠٥٠ سجينا بينما يستقبل اليوم ٣٧٣٩ سجينا أي بنسبة ٣٥٦%. وقد فاقم اعتكاف القضاة وجائحة كورونا من حدّة الأزمة، وبلغت نسبة الموقوفين ٨٣% ما يدق ناقوس الخطر حول الوضع في السجون بما فيه من ظروف حياتية صعبة للسجناء وتحديات على مستوى الأمن الغذائي والصحي وسوق السجناء نتيجة الانهيار المالي والاقتصادي الذي تشهده البلاد منذ ما يزيد عن ثلاث سنوات، زد على ذلك أوضاع العناصر الصّعبة في ظلّ تدنّي رواتبهم وبالتّالي قدرتهم الشرّائيّة وصعوبة وصولهم أحيانًا إلى ثُكناتهم العسكريّة. عديدة هي أهداف المؤتمر، وأهمها تعزيز التماسك الاجتماعي بتوفير مساحة للحوار بين كافة الفرقاء المعنيين بشؤون السجون بالشراكة بين المجتمع المدني وقوى الأمن، وهو ما يخلق جسور تواصل تصب في خدمة المجتمع عبر تعزيز تبادل الخبرات والتعاون بين المؤسسات، إضافةً إلى تحديد القضايا المهمة المتعلقة بصون حقوق الإنسان، واستخلاص نتائج عملية عديدة يمكن تطبيقها والبناء عليها في الخطوات المستقبلية. أكرّرُ شكري وامتناني لكلّ الحاضرين والمشاركين في هذا المؤتمر، كما أشكرُ العناصر الأمنيّة المولجة بحماية السّجون: ضبّاطًا ورتباء وعناصر، والذين لم يتوانوا مطلقًا عن أداء واجبهم الوطني، على الرّغم من الظّروف القاهرة التي تعصف بالبلاد، والتي نأمل أن نتعافى منها جميعًا في القريب العاجل، ليعود وجه لبنان الحبيب مشرقًا كما عهدناه دائمًا.

وفي ختام الجلسة الافتتاحيّة، جرى عرض فيديو عن مشروع تعزيز الشرطة المجتمعيّة المموّل من الاتّحاد الأوروبي حول مكوّنه الثالث المتعلّق بحقوق الإنسان والشراكة القائمة بين المديريّة العامّة لقوى الأمن الداخلي والجمعيّات المختصّة بحقوق الإنسان.

تلا الجلسة الافتتاحيّة عروض تقديميّة متعدّدة تخلّلها مناقشة المواضيع التالية:

–        التحديّات الرئيسيّة التّي تواجهها قوى الأمن في إطار إدارة السجون قدّمها المقدّم بلال عمر رئيس فرع السجون في وحدة الدرك الإقليمي

–        التحديّات الرئيسيّة التي تواجهها قوى الأمن في إطار خدمات التغذية والرعاية الصحيّة قدّمها العميد الطبيب المتقاعد إبراهيم حنّا رئيس مركز رومية الطبّي سابقًا

–        إعادة التأهيل وإعادة الاندماج/ دور المجتمع المدني في ظلّ التحديّات الراهنة، قدّمتها السيّدة سوزان جبّور رئيسة اللجنة الفرعيّة للوقاية من التعذيب لدى الأمم المتّحدة

–        التحديّات الرئيسيّة على مستويي القضاء والتشريع قدمّها النائب جورج عقيص عضو لجنتي الإدارة والعدل وحقوق الإنسان البرلمانيّة

حيث أدار العروض التقديميّة المحامي ربيع قيس.

وقد تمّ تقسيم الحضور بعدها إلى /4/ مجموعات عمل تناولت مواضيع متعدّدة:

–        المجموعة (أ) تداولت مسألة اكتظاظ السجون، وقد سيّر أعمال هذه المجموعة القاضي يحيى غبّورة

–        المجموعة (ب) تداولت برامج إعادة التأهيل والاندماج، وقد سيّرت المديرة التنفيذيّة للحركة الاجتماعيّة السيّدة تمام مروّة أعمال هذه المجموعة

–        المجموعة (ج) تداولت التحديّات الرئيسيّة التّي تواجهها قوى الأمن في إطار إدارة السجون والرعاية الصحيّة، وسيّر أعمال هذه المجموعة القاضي رجا أبي نادر

–        المجموعة (د) تداولت دور المنظّمات الدوليّة والمجتمع المدني وغيرهم من أصحاب المصلحة من القطاعين العام والخاص والحاجة إلى التعاون الاستراتيجي، وسيّر أعمال هذه المجموعة د. عمر نشّابة.

وفي نهاية الجلسة الحواريّة تمّ عرض النتائج التّي توصّلت إليها مجموعات العمل الأربعة وذلك عن التحديّات التّي تواجه السجون في المواضيع المذكورة وخطط العمل الواجب اتّباعها لتخطي هذه التحديّات.