وزير الثقافة في ذكرى نقيب شعراء الزجل جورج بو انطون في حومال: إلى كلمة سواء تجمع ولا تفرق تبني ولا تهدم تحيي ولا تميت

وزير الثقافة في ذكرى نقيب شعراء الزجل جورج بو انطون في حومال: إلى كلمة سواء تجمع ولا تفرق تبني ولا تهدم تحيي ولا تميت

دعا وزير الثقافة القاضي محمد وسام المرتضى اللبنانيين “إلى كلمة سواء، تجمع ولا تفرق، تبني ولا تهدم، تحيي ولا تميت”.

وقال: “الوطن تحت عتم غمامة سوداء تخيم في فضائه وتجثم على صدر قضائه، وتلقي على شعبه أثقالا من الحيرة والخوف، مؤسساته تتعطل واحدة بعد أخرى، وسلطاته الدستورية تمزقها التجاذبات، وبعض قياداته، ترفض الحوار وتتعالى على التوافق، والأجندات الخارجية تحطم أعمدة القانون وتعبث بقواعد العدالة، فيما الأوضاع الاقتصادية والمعيشية توجب التلاحم بين الجميع للتفتيش عن مخارج لا تزال حقيقة في المتناول إذا صفت النيات”.

ولفت الى ان “ما من وطن في الأرض إلا ومر في فترات عصيبة، فتجاوزها بقوة الإيمان وخوف الله والتصميم والوحدة بين أبنائه”.

كلام المرتضى جاء خلال رفع الصلاة الجنائزية عن روح نقيب شعراء الزجل في لبنان جورج بو انطون في مسقط رأسه في حومال، في حضور حشد كبير من الفاعليات السياسية والثقافية والاجتماعية وشعراء الزجل في لبنان وعائلة الراحل .

ومما جاء في كلمة الوزير المرتضى: “منذ أربعين يوما… في عز الشتاء، كان الربيع على موعد مع جورج بو أنطون، النقيب والشاعر والإنسان الممتلئ بالمثل. موعد أعداه… كي يجلسا فيه معا إلى مائدة من شعر وعطر، ويقرآ فيه معا “غلة المشوار” التي كانت وفيرة الجنى، ويفرحا…. لأن كليهما ولد في لبنان، ويحزنا أيضا…. لأن الوطن لا يزال في أسر شتائه الطويل. والشاعر وحده دون سائر البشر يعرف أن يعقد المواثيق مع الفصول، فيأخذ منها النظرة…. ويمنحها الكلمة، يسترق اللفتة ….ويعطي اللوحة من حبر وروح. يمسك باللحظة ….فيجعلها عمرا، معتقدا على الدوام بأنه يسهم عبر الشعر في ترويض وحشية الحياة. من هذا المنظور عرف جورج بو أنطون كيف يقول الشعر وكيف يفعله. ذلك أنه بفضل موهبته التي شقت أمامه درب الزجل اللبناني الملتصق بأحوال الحياة على فطرة يومياتها واختلاف تقلباتها، عرف كيف يحول جهده إلى تعاطي الجمال الشاعري قولا وفعلا. فكان سيد الكلمة الجميلة على المنابر وفي المجالس والمناسبات، وسيد العمل الجميل في ملاحقة شؤون الناس وشجونهم أمام المراجع المختصة، مفتاحه الوحيد لتجاوز الأبواب ودخول القلوب بيت من الزجل أو ردة قرادي أو سحبة قصيد. كأنما كانت العتابا لغة عتابه الفضلى، يلقيها أمام العتبات التي تحول بين الناس وحقوقهم، مستعيدا في ذلك ما قاله قائد المئة للمسيح في الإنجيل: يا سيدي قل كلمة واحدة فيبرأ فتاي، فلقد آمن النقيب حقا بأن الكلمة الحلوة تستطيع فعل كل شيء”.

وأضاف: “بين العام والخاص في عمره الثري، ظل جورج بو أنطون متشبثا بالقيم. وطني أصيل عريق في انتمائه إلى لبنان، عاشق لكل حبة من تراب أرضه ولكل جزء من تراثه الثمين. ولا سيما الزجل الذي يشكل السمة الأساسية من سمات الأدب الشعبي اللبناني، واللسان الناطق بأحوال القرية اللبنانية التي رأى الأديب الراحل أنيس فريحة أنها حضارة على طريق الزوال فإذا بالزجل يخلد تقاليدها ويبعث أدواتها الاجتماعية والاقتصادية من عمق النسيان ويزفها مجددا إلى الوجود. ولقد كان دور جورج بو أنطون على هذا الصعيد دورا بارزا في الحفاظ على مقومات الزجل كما تراكم عبر العصور، وفي تطويره ليصير أقرب إلى قلوب أبناء الجيل الجديد. وبين المحافظة والتجديد كان خط من الأصالة اللبنانية يمد من يد شاعر إلى يد آخر صونا لأمانة الموروث وإغناء له”.

وتابع: “جورج بو أنطون الإنسان الذي عرفته عن كثب ولا سيما في الفترة الأخيرة، ترك رحيله صفحة بيضاء في كتاب المودات التي نسجتها كوزير للثقافة مع أهل الفن والأدب. التقينا لنتداول الشؤون الثقافية المتعلقة بالزجل، وأهمية إدراجه على لائحة التراث الثقافي غير المادي لمنظمة الأونيسكو، وتبادل الآراء حول أوضاع الشعراء الزجليين ولا سيما لناحية الهم النقابي وارتداداته على مصالحهم، وأود ههنا بمناسبة أربعينه أن أشهد لاندفاعه الحار في اتجاه الخير العام في هذه المسائل، وهذ ما يفرض علي وعلي الشعراء جميعا أن نقدم العام على الخاص بمعرض مقاربتنا لكل شأن مرتبط بالنقابة التي أفنى المرحوم جورج بو انطون قسطا عزيزا من عمره وهو يدافع عنها وعن المنتسبين اليها”.

وقال: “اليوم نتحلق أيها الأصدقاء والأحبة حول ذكراه في حومال، بلدته الوادعة القابعة في كنف الخضرة، والوطن تحت عتم غمامة سوداء تخيم في فضائه وتجثم على صدر قضائه، وتلقي على شعبه أثقالا من الحيرة والخوف، حين يرى مؤسساته تتعطل واحدة بعد أخرى، وسلطاته الدستورية تمزقها التجاذبات، وبعض قياداته، ترفض الحوار وتتعالى على التوافق، والأجندات الخارجية تحطم أعمدة القانون وتعبث بقواعد العدالة، فيما الأوضاع الاقتصادية والمعيشية توجب التلاحم بين الجميع للتفتيش عن مخارج لا تزال حقيقة في المتناول إذا صفت النيات”.

ولفت وزير الثقافة الى ان “ما من وطن في الأرض إلا ومر في فترات عصيبة، فتجاوزها بقوة الإيمان وخوف الله والتصميم والوحدة بين أبنائه”.

وقال: “تعالوا أيها اللبنانيون جميعا إلى كلمة سواء، تجمع ولا تفرق، تبني ولا تهدم، تحيي ولا تميت. ولتكن سير الشعراء والمثقفين كمثل جورج بو أنطون مشاعل في طريقنا إلى بناء الغد، كي يظل هؤلاء الراحلون مقيمين بيننا على الدوام”.

وختم المرتضى: “عزى الله قلوبكم، ورحم جورج بو أنطون وأبقى ذكراه ما بقي لبنان الذي نعدكم أنه سيبقى مقتدرا عزيزا ابيا موحدا وأنه سيعود منارة حضارة وقيم وثقافة ووحدة ونموذجا بهيا عن الإنسانية الحقة ولو كره الحاقدون والسلام عليكم ورحمة الله.”

وكان الحفل التأبيني استهل بوضع اكليل على تمثال للراحل في باحة الكنيسة ثم عرض لقصائد الراحل بصوته، فكلمة لمختار حومال جوزف الفغالي وكلمة العائلة القاها المحامي ناجي بو انطون وقصائد من الزجل لزملاء الراحل:م وسى جعفر ،فيصل الصايغ،سميح خليل وحبيب ابو انطون.