المرتضى: لبنان بلد الحريّات كان وسيبقى. لكنه كذلك وطن القيم الأخلاقية وموئل الإيمان.  وليعلم القاصي والداني، والبريء والدنيءُ أننا ضنينون بقيمنا وموروثنا وإيماننا.

المرتضى: لبنان بلد الحريّات كان وسيبقى. لكنه كذلك وطن القيم الأخلاقية وموئل الإيمان.  وليعلم القاصي والداني، والبريء والدنيءُ أننا ضنينون بقيمنا وموروثنا وإيماننا.

تعقيباً على ما ساد في الايام القليلة الماضية من تفلّتٍ وتطاولٍ استتبعا الشجب والاستنكار وردّات فعل، صدر عن وزير الثقافة القاضي محمد وسام المرتضى الموقف الآتي بعنوان “هذه لغتنا”:لغتنا كلبنانيين هي لغة الأديرة والخلوات والمساجد والحسينيات والحديث الشريف والترتيل والتجويد، والصلوات الخمس والأبانا وصلاة المسبحة الوردية ونهج البلاغة و”عهد علي” ودعاء مكارم الأخلاق وميامر الحبساء، لغة الناقوس الذي يفرح الروح والأذان الذي يطمئن النفس…لغة بهاء الدين العاملي واليازجي والمعلم البستاني، وجبران خليل جبران وإيليا أبي ماضي وجورج جرداق وموسى الصدر وكمال جنبلاط ورشيد كرامي وعبدالله العلايلي وصبحي الصالح ومحمد حسين فضل الله وجورج خضر وسامي ابو المنى ومالك الشعار ورامز سلامة ومارون العمار وجورج حبيقة ومارانا سعد وشوقي ساسين وشربل بو عبود وعبد الحليم كركلا وسليم وجودت حيدر … لغة زين شعيب وخليل شحرور وطليع حمدان وزغلول الدامور وموسى زغيب وعبد الجليل وهبي وجورج بو انطون وانطوان سعادة… لغة الرحابنة وفيروز ونصري شمس الدين ووديع الصافي ومارسيل خليفة… لغة الكلمة الطيّبة والرصانة والأدب والثقافة والأنفة والرقي والتهذيب… أما ضدّ العدو الإسرائيلي -وهنا بيت القصيد- فهي لغة “الموقف سلاح والمصافحة اعتراف” ولغة “العين التي تقاوم المخرز وتلويه”، ولغة “لا راحة مع احتلال” ولغة “الروح” التي أذلّت الترسانة ولغة الوعيِ الذي يفرض علينا التمسّك بقيمنا وموروثنا وبمبدأ العيش معًا الضامن لوجودنا، ولبقاء وطننا الرسالة، المناقض لواقع الكيان المغتصب.
حاولوا تطويع لبنان بالحروب والاجتياحات فهزمهم وردهم على أعقابهم مدحورين. وها هم يحاولون تركيعه من خلال الحصار واستيلاد الأزمات الاقتصاديّة والمالية والمعيشية وسيخيبون، ويحاولون إيقاظ الفتن وستُجهض مساعيهم. حتى أصبحوا يلجأون الآن إلى محاولة تقويض مجتمعه أخلاقياً وثقافياً، فيمتهنون كرامات الأمهات على الشاشات، وفي برامج “ستاند اب كوميدي” يتعرضون لمرتكزات الإيمان الإسلامي والمسيحي ويستخفون بعمائم العلماء وقلانس الكهنة واثوابهم وسير القديسين، ويسوّقون للمثلية والتفلّت وهدم العائلة… وبالأمس طالعتنا إحدى الشاشات بنماذج لا تشبه رسالة الإعلام الحقيقية، ولم يكن يجوز لها أن تسمح لمثل هؤلاء بأن يمتطوا شاشتها ليدخلوا إلى بيوتنا وعقول شبابنا وشاباتنا… يتباهون بالتعاطي وسقط الكلام ونابي التصرفات، ويجتاحون الذوق والقيم بأبشع ما يكون. ألا يدرون ، هم ومن وراءهم، أن صمودنا مسلمين ومسيحيين على الرغم من كل القهر والإحباط والمرارات هو حاصل لنا بفعل بركات عزّة النفس لدينا وتعلّقنا بقيمنا وتمسّكنا بإيماننا وبحصن العائلة وسائر عاداتنا التي تختزن كل حق وخير وجمال.
لبنان بلد الحريّات كان وسيبقى. لكنه كذلك وطن القيم الأخلاقية وموئل الإيمان. وليعلم القاصي والداني، والبريء والدنيءُ أننا ضنينون بقيمنا وموروثنا وإيماننا، وواعون إلى خطر ما يُحاك من شرور، ومؤمنون في الوقت نفسه أن لبنان، المروي بدم الشهداء، اضحى وقفاً لله، والله خير الحافظين.