بارود: إن لم تكن اللامركزية بهذه الأهمية لماذا إذاً يمانعون بوجهها؟… واذا طبقناها من دون موارد مالية "بلاها"

بارود: إن لم تكن اللامركزية بهذه الأهمية لماذا إذاً يمانعون بوجهها؟… واذا طبقناها من دون موارد مالية "بلاها"

شدد وزير الداخلية السابق زياد بارود على أن “اللامركزية ليست غاية بحد ذاتها، وليست حلاً لكل مشاكل لبنان، ولا تحل مشاكل المودعين او استقلالية القضاء او التمثيل السليم بمجلس النواب، بل هي وسيلة من وسائل الديمقراطية والمشاركة المحلية على صعيد أكبر، والشفافية بالأداء المحلي، وادارة شؤون الناس بطريقة مختلفة، ولكن حتى هذا الطموح لا يتم اعطاؤه للناس”.

وكشف خلال ندوة في مدرسة سيدة الجمهور بعنوان “اللامركزية الإدارية في لبنان: قضايا  وتحديّات” أن “أخطر ما يحصل في موضوع اللامركزية انه منذ العام 1989 نتحدث بها، الا ان هذا الحق لحدّ اليوم لم يُعطً للمواطنين. اللامركزية دخلت حيز الاجماع باتفاق الطائف، ولكن هل يمكن لأحد أن يقول لي لماذا حتى الآن هناك ممانعة كبيرة ضد اللامركزية؟ إن لم تكن بهذه الأهمية، لماذا إذاً يمانعون بوجهها؟ لماذا هذا الحرص على عدم تطبيقها وتحويلها الى قانون يتمكن اقله من تقديم حياة افضل للمواطنين على المستوى الاداري؟”

وتابع: “لا يمكن القول ان اللامركزية ستحلّ كل المشاكل، فهي واحدة من الحلول وليست الوحيدة، ولكن ليس أي لامركزية، فإذا طبقناها من دون موارد مالية “بلاها” كتلك التي تطبق اليوم في البلديات”. وشرح أن “مجالس البلديات لديها صلاحيات على الصعيد البلدي ولكن لا تتمكن من مزاولتها من دون تأمين الاموال، لذلك، في مشروع القانون الذي أعددناه، اعتمدنا اللامركزية المسماة مالية، وهذا التعبير أو الصفة التي اضيفت على اللامركزية، وما أقصده هنا “المالية”، اثار ردود فعل التي فعلا لم أفهمها. فمن دون الجانب المالي، اللامركزية لا تساوي شيئاً”.

وشرح أن المشكلة بالرقابة على البلديات، هي الرقابة المسبقة لكل قرار. واضاف أن “المصاريف المحلية مقارنة بالمصاريف العامة تشكل ما بين %5 الى 7 % في لبنان ، فيما المعدل الوسطي العالمي للانفاق المحلي من اجمالي الانفاق هو 27% ، لذلك لا بد من الانتقال من %5 الى 20% وهذا ما كنا اقترحناه في مشروع القانون”. 

وعن موعد الاستحقاق البلدي، رأى بارود “أننا لم ندخل بعد مرحلة الخطر تقنياً، ولكننا نقترب منه. أما سياسياً، هناك من سيقول لكم، كيف تجرون انتخابات بلدية في حال غياب رئيس للجمهورية، ووجود حكومة تصريف اعمال ومستقيلة، ولكن هناك اجتهادات في مجلس شورى الدولة، أن ذلك ممكناً  في حال كان مرتبطاً بمهل قانونية. ولا يجب أن ننسى أن تقرير تمويل هذه الانتخابات يكون من خلال جلسات وزارية التي تشهد صعوبات حالياً في عقدها”. 

وردّاً على سؤال أحد المشاركين، أجاب بارود، أنّ “اعادة النظر في الكيان مغامرة كبيرة، وهذا الكيان دفعنا ثمنه دم وتضحيات وناس، لذلك، لا يمكننا ان نقرر اعادة النظر به كل بضع سنوات. الكيان قائم وموجود ويجب ان ندافع عنه. ليس الكيان أو فكرة لبنان التي ليست على ما يرام، بل مشكلتنا هي بالنظام الذي يدير هذا الكيان والدولة”. 

واعتبر أن “المشكلة تكمن في ادارة التعددية، فإدارة النظام هي السيئة، وعندما اقول تنوعاً تعددياً لا أقصد فقط التعددية الطائفية بل أيضا التعددية السياسية، فلدينا ايضا اقليات سياسية”. 

واشار الى أن التغيير يكمن في العقلية على الصعيد الثقافي، ومتفائل بالنتائج الايجابية لكن لا بد من الصبر. 

وهنا تطرق بارود الى قانون الانتخاب، قائلا: “يجب العمل على قانون الانتخاب الذي خيط بشكل تُعرف النتائج بشكل مسبق. ليس لدينا انتخابات فعلية ، لدينا انتخابات فرعية، فمن اصل 128 مقعداً يبدو أن هناك ما بين 28 الى 35 مقعدا عليه علامة استفهام. أما بقية المقاعد فمعروفة مسبقاً لمن ستؤول. وبالرغم ان النسبية افضل من النظام الأكثري، لكنها تشكل مع الانفاق الانتخابي، ثغرة في القانون لما لها من اهمية من ناحية النتائج”. 

وبالنسبة لاستقلالية القضاء، شدد على ضرورة الضغط للحصول عليها بشكل كامل، فهي ليست فقط عند القضاة انما هي قضية وطنية.

وأكد وجوب “تجسيد التعلق بالبلد وفق الآلية المعتمدة، فاللامركزية تُطرح كواحدة من بدائل الحكم، وليس لوحدها. بل يجب اضافة استقلالية القضاء والقانون الانتخابي وادارة جيدة للنظام المالي والاقتصادي”.

 إشارة إلى ان كتاب “الثورة المؤسساتية في لبنان” لحكمت أبو زيد، كان في صلب النقاش والتبادل الثقافي في المحاضرة التي رأسها الأب شربل باتور اليسوعي المشارك في الندوة، حيث استحضر الأخير دور المؤسسة الدينية في المجتمع وتداعيات اللامركزية المحتملة على المدارس في لبنان، فضلاً عن مسألة التقدم الاجتماعي، أما أبو زيد فاستحضر الوصف التالي لموضوعه:”اللامركزية تنظم دولة موحدة تعمل على تحسين الحياة اليومية من خلال تعزيز الخدمة العامّة”.

وحضر الندوة عدد كبير من السفراء والمحامين والمعلمين، وانتهى اللقاء بتوقيع كتاب “الثورة المؤسساتية في لبنان