الرئيس عون في لقاء وداعي في قصر بعبدا: امضيت كل حياتي مدافعا عن لبنان ووجدت وانا في مركز الحكم ان هذا الدفاع بات صعبا لكن لا شيء سيمنعني من مواصلة المسيرة

الرئيس عون في لقاء وداعي في قصر بعبدا: امضيت كل حياتي مدافعا عن لبنان ووجدت وانا في مركز الحكم ان هذا الدفاع بات صعبا   لكن لا شيء سيمنعني من مواصلة المسيرة

اكد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون انه سيبقى مدافعا عن لبنان رغم انه وجد ان هذا الدفاع بات صعبا وهو في مركز الحكم الا ان ذلك لن يمنعه من مواصلة المسيرة، مشيرا الى انه كان يسمع انه لن يُسمح له تحقيق أي انجاز. وردا عما اذا كان سيخوض ثورة وجع الشعب، قال الرئيس عون:” من شبّ على شيء شاب عليه، وأنا لن اغيّر سلوكي وتفكيري”.

وإذ لفت  الى أن استقرار الوضع الداخلي تعزز من خلال فرض الامن وتحرير الجرود من الارهاب، فانه اعتبر ان السلام الاقتصادي سيتعزز بعد ترسيم الحدود البحرية الجنوبية من خلال مصلحة الطرفين بالهدوء والاستقرار، مشددا على ان فكرة السلام مع اسرائيل لم ترد ابداً في هذا الإنجاز، وقال:” اعتادت إسرائيل ان تأخذ من العرب، انما هذه المرة نحن الذين اخذنا منها.”

وعلى الصعيد الحكومي، جدد رئيس الجمهورية التأكيد على ان لا إرادة لدى الرئيس المكلف نجيب ميقاتي ولا لدى فريقه، في التشكيل. وقال ان الرئيس ميقاتي “يلبي مطالب كل الأحزاب والتيارات والتكتلات النيابية، ما عدا مطلب التيار الوطني الحر”، مشددا على “انه من غير المقبول وضع وصاية على التيار او على تكتل “لبنان القوي”. وعن عدم قانونية إعلانه نيته التوقيع على مراسيم قبول استقالة الحكومة ما لم يتم تشكيل حكومة أخرى، أوضح الرئيس عون “ان ليس هناك من نص دستوري يشترط ذلك، بل ان المسألة متعلقة بالاعراف، ويمكن خرق العرف. ” وجدد التأكيد على ان لدى سوريا رغبة في الترسيم “وقد تم الحديث عن تأجيل زيارة الوفد اللبناني الى دمشق وليس عن رفض الزيارة”.

لواء الحرس الجمهوري

كلام الرئيس عون جاء في خلال لقاءات وداعية قبل  ظهر اليوم ، قبل يومين من مغادرته قصر بعبدا، استهلها بزيارة ثكنة لواء الحرس الجمهوري حيث كان في استقباله قائد اللواء العميد بسام حلو وضباط ورتباء وعناصر اللواء. والقى العميد حلو كلمة جاء فيها:

فخامة الرئيس

هؤلاء العسكريون، مــن حقهــــم أن يشعــروا اليــــوم بالفخــر والاعتزاز لأنهـــم كانــــوا فــــي عــــداد لــواء الحــرس الجمهــوري فـي عهـــد رئيس قائــد، جمع الشجاعــة والحكمــة والصلابـــة، فـــي الدفــــاع عـــن الحـق والسيـــادة والكرامــة الوطنيـة. وبقدر ما كنت يا فخامة الرئيس، ترعاهـــــم بمحبتـــك واهتمامــك، بالقـــدر نفســه كانــوا أوفيــاء وأمناء فــي تحمــل مسؤوليـة حمايتكم مع اللبنانية الأولى وأفراد العائلة الكريمة. وعندمــا سعــى البعض الـــى مغامرات فاشلة حاولوا تكرارهــا مرارا، كانــت صـــدور هؤلاء العسكرييـن واجسادهــم، قبــل سلاحهــم، في مواجهة مــن ظنــوا انـــه فـــي استطاعتهـــم أن يسقطـــوا رئيســاً هـــو، قبـــل الرئاســـة وفيهــا وبعدهـــا، المؤتمـن على الوطـن ومؤسساته وكيانه، وحامي كل ذرة من ترابه، وكل نقطة ماء من بحره ونفطه وغازه.

فخامة الرئيس

قبـــل أيــام قليلــة مــن مغادرتكــم هــــذا القصر إلى مرحلة جديدة من النضال جئنا نشكركم على الثقة الغالية التي وضعتموهــا فــي لـــواء الحــرس الجمهـــوري، ونؤكــد لكــم أن لا أحـــد يمكنـه أن يزعـزع هـذه الثقـة أو يشوه هذا الالتزام، والتاريخ كفيل بأن ينصفكم من خلال إنجازاتكم في مواجهة الإرهاب وتحرير الجرود ومكافحة الفساد وكذلك ترسيم الحدود البحرية ودخول لبنان مصافي الدول النفطية.

فخامة الرئيس

ستبقــى، وانـــت خارج هــــذا القصــر، كمـــا كنـــت داخلـــه، فـــي قلوبنـا وعقولنا، نستذكر الأيام الحلوة والمـــرة التي عشناهــــا فــي ظـــل حمايتــك. لقــــد منحتنــا، مـــن خلال الخدمــة في لواء الحرس في عهدك، شرف خدمة وطننـــا، فلك يا فخامة الرئيس من كل ضابط ورتيب وجندي رجالاً ونساءً، كل الالتزام والاحترام والتقدير والمحبة.

عشتم فخامة الرئيس، عاش الجيش، عاش لبنان”.         

الرئيس عون

وردّ الرئيس عون بكلمة قال فيها:

“أيها العسكريون،

لكل مهمة نهاية، واليوم نهاية مهمة. ولكن بعد المهمة، تبقى في ذاكرتنا وجوهكم وعملكم وايمانكم بلبنان وبخدمته. هذه كانت مراحل حياتي كعسكري، واليوم كرئيس للجمهورية، هناك ايضاً استمرارية في حياتي العسكرية وهو انتم. لذلك ستبقون في قسم كبير من ذكرياتي.

اود ان اشكركم على ايمانكم وادائكم في الحرس الجمهوري، فأنتم القوة التي كانت جاهزة لحماية القصر الجمهوري وهو رمز الوطن ورمز سيادته. فأنتم تستحقون ان نكون معكم في فكرنا، ومساعدتكم في كل ما تحتاجون. عافاكم الله على كل ما قمتم به من جهد، على امل ان تبقوا سالمين وبصحة جيدة”.

لقاءات المسؤولين والاعلاميين

ثم عاد الرئيس عون الى مكتبه  ليلتقي المدير العام لرئاسة الجمهورية الدكتور أنطوان شقير والمدراء العامين والمستشارين والخبراء وشكرهم على تعاونهم معه خلال ولايته. بعد ذلك استقبل رؤساء الدوائر والمكاتب في قصر بعبدا، وعقد لقاء مع اسرة مكتب الاعلام في رئاسة الجمهورية والاعلاميين المعتمدين في صالون السفراء، استهله رئيس مكتب الاعلام والمستشار الرئاسي رفيق شلالا بكلمة جاء فيها:

فخامة الرئيس،

الصلابة حكمة العمر.

في صلابتك فيض من هذا الوطن اللبناني الذي عرفته، حبة  تراب بحبة تراب من اقصى شماله الى اقصى جنوبه، ومن جباله الشرقية الى مدى سواحله.

لقد اقسمت يمين المحافظة عليه مرتين:  ضابطا في ريعان شبابه، ورئيسا للجمهورية، فشئت ان تكون وتبقى: عماد الجمهورية.

اردت لبنان، لا هوية متميزة فحسب، بل انتسابا وانتماء، فلازمته ولازمك…..

اما حكمة الصلابة، فهي ان تبقى متمردا على واقع يبتغي الغاء إرادة صون وطنك.

معصية الرئيس العماد ميشال عون انه اختار الصلاح لمواجهة الباطل، واكد بينهما الحقيقة في ما هي صنو الله وحرية الانسان في آن.

وسط العواصف كنت الربان الصلب، المؤمن بشعب وصفته يوما بشعب لبنان العظيم، وعملت كي يبقى عظيما في حريته، وسيادته واستقلاله، وفي التحرر من الكذب ومن عبادة المال والسلطة، وفي مواجهة الفساد واربابه.

اليوم، زملائي في مكتب الاعلام، والاعلاميون المعتمدون في القصر الجمهوري، جئنا لنقول لك شكرا على ست سنوات امضيناها الى جانبك، اكسبتنا خلالها خبرة وقناعة بان الإرادة والايمان والعزم والصلابة كانوا كافين في مواجهة ما تعرض له عهدك وشخصك من تجن وتزييف وتضليل. لكنك بقيت، انت انت، لا تهزك شائعة، ولا تضعفك إساءة لانك أصبحت فوق سقف كل تلك الاستهدافات والاساءات.

فخامة الرئيس، اليوم، وانت تنتقل من محطة نضال وطني الى محطة أخرى ترافقك محبة اللبنانيين، نتمنى لك العمر الطويل لتواصل مسيرة احقاق الحق والدفاع عن القيم التي ميزت وطن الأرز الذي يشمخ بامثالك.

وسواء كنت في بعبدا، ام في الرابية، وفي أي مكان آخر، فستكون مرة جديدة صانع التاريخ المشرف… ونحن شهود على ذلك. عشتم فخامة الرئيس، عاش لبنان.

رد الرئيس عون

ورد الرئيس عون مرحبا بالوفد وقال: “لقد ناضلت وابتعدت من اجل حرية اللبنانيين وسيادة لبنان واستقلاله. وعندما عدت الى لبنان واصلت الدفاع عن هذه الاقانيم الثلاثة، وايضاً في كل كلماتي في المحافل الإقليمية والدولية، لم اسمح بوصاية الدول على لبنان، كما يفعل الكثيرون، أو بدفع الأموال للإعلاميين.

واجهنا الكثير من الكوارث التي حلت بلبنان، من الازمة الاقتصادية، الى الكوارث الصحية، الى كارثة انفجار مرفأ بيروت. وانطلق عهدي بخزينة فارغة وحدود مقفلة مع سوريا، ووجود مليون و800 الف نازح سوري على أرضنا.  اليوم أغادر الحكم وليس لدي الكثير من الأصدقاء في عالم السياسة والاعلام، بسبب دفاعي عن الحق ومقاومتي للفاسدين. ولم اسمع في المقابل تصريحاً واحداً من أي مسؤول يؤيدني في محاربة الفساد، فيما بعض السياسيين كان يحمي الفاسد والسارق.  امضيت كل حياتي مدافعا عن لبنان والشعب اللبناني، ووجدت ان هذا الدفاع بات أصعب وأنا في مركز الحكم. ولكن هذا لن يمنعنا من مواصلة المسيرة.

وأضاف: “لا يهم ان يكون الكلام ضدي ، فكلما صدر شيئاً ضدي كلما زدت هدوءاً، لأنني اعلم مسبقًا ردّات الفعل ، وقررت ان لا تصدر من جهتي ردود على هذه المواقف، لأنني اؤمن بمبدأ بأن القيمة الكبيرة تخسر الكثير خلال سجالها مع القيمة الصغيرة. فنحن نريد المحافظة على مواقفنا. وقد هوجمت من قبل وسائل الاعلام، ولم اطلب من القضاء ان يتحرك، كما أنه لم يتحرك من تلقاء نفسه. ”

واضاف:”من خلال موقعي الجديد، سأدافع عن الجميع، وأهلا وسهلاً بالذي يريد مساعدتي ولكنني سأواصل النضال من اجل من هم معي او من هم ضدي، لأن الانجاز هو لمصلحة الجميع وما كنت اسمعه في آخر خمسة اشهر من عهدي هو :” لن نسمح لميشال عون تحقيق اي انجاز ” . وأنا اتوجه بالشكر الى الذين من كانوا يجب ان نتعاون معهم، ولكن هم بالمقابل لا يريدوننا تحقيق اي انجاز ، إلا أن الله رزقنا ترسيم الحدود وانجزنا هذا الملف وهو لجميع اللبنانيين، كباراً وصغاراً ، لاسيما أنه سيرفع لبنان من الحفرة الكبيرة التي أوقعوه فيها لأن الغاز والنفط ثروة طبيعية وموجودة في الاراضي اللبنانية وفي بحره ، ومن خلالها سيتمتع لبنان وشعبه بالازدهار. وإن شاء الله تزيد المحبة بين سكانه.

حوار

ورداً على سؤال حول ما اذا كان الرئيس عون سيخوض ثورة وجع الشعب، قال الرئيس عون:” من شبّ على شيء شاب عليه، وأنا لن اغيّر سلوكي وتفكيري، وهذه صفاتي وشخصيتي ولا استطيع أن أغيرها.”

وعن مدى تأثير انجاز ترسيم الحدود البحرية الجنوبية على تعزيز السلام الداخلي والاقليمي، أكد رئيس الجمهورية أن استقرار الوضع الداخلي تعزز من خلال فرض الامن وتحرير الجرود من الارهاب، أما السلام الاقتصادي سيتعزز ايضاً من خلال مصلحة الطرفين بالهدوء والاستقرار. ولكن فكرة السلام مع اسرائيل لم ترد ابداً ، ولم يحصل اي اتصال او امر آخر في هذا السياق. بل كان هناك وسيط اميركي ينقل الاقتراحات بين الطرفين.

واشار الرئيس عون الى أنه في بعض الاحيان يقرأ في الصحف عن امور سرية حصلت خلال المفاوضات، وتساءل: ما هي هذه الاشياء التي يتحدثون عنا؟ فالاتفاق واضح ، فهل سنقوم باتصالات سرية مع اسرائيل الآن؟ من خلال هذه الاخبار يتعرض الرأي العام للتضليل خصوصاً في ظل عدم اعتماد الموضوعية والدقة ومعايير موحدة في نشر الخبر اليقين،  فالمواطن يتلقى مزيجاً من الآراء والاخبار المختلفة حول قضية معينة.

ورداً على سؤال حول ما إذا كان يشعر بالندم حول امر ما قام به خلال سنوات عهده، لفت الرئيس عون ممازحاً الى أنه ندم على عدم أخذه الرشاوى والاموال وعدم قيامه بالصفقات ، وكذلك محاربته للفساد فأصبح بذلك بمواجهة الكثيرين وزاد عدد الاعداء من دون مساعدة احد وقال ضاحكا:” غلطتي أنني واجهت الجميع  في محاربتي للفساد.”

وعن تحميل البعض العهد مسؤولية ما حصل خلال هذه السنوات، أكد رئيس الجمهورية ان هذا الكلام صادر عن الخصوم وكلام صحافي ليس له اي مرتكز. فأول انجاز حققته هو اقرار قوانين استخراج النفط، والثاني اطلاق حرب فجر الجرود، ومن ثم اقرار قانون انتخابات جديد، واعادة الانتظام المالي بعدما كان لبنان لمدة 12 عاماً من دون موازنة عامة، كما انجزنا التحقيق المالي في وزارة المال، وقد اعدنا الجسم الدبلوماسي الى معظم دول العالم وتم تعيين حوالي 28 قنصل فخري في كبرى المدن التي يعيش فيها لبنانيون، فهل هذه هي الاخطاء التي قمت بها؟ من يعتبر انني ارتكبت اي خطأ فليواجهني به.

ونقل احد الصحافيين المعتمدين في القصر الجمهوري، تقدير زملائه للرئيس عون، بغض النظر عمن يؤيده منهم او يعارضه، وذلك لانه أعاد خلال السنوات الست، الحضور والقرار الى القصر الجمهوري، وقد يكون ذلك سبباً للصراع الدائر مع السلطات الأخرى. ورداً على سؤال حول الامل في تشكيل الحكومة خلال اليومين الباقيين، وعمن يضمن تنفيذ الترسيم الحدودي بعد مغادرته قصر بعبدا؟

أجاب الرئيس عون: “بالنسبة الى الترسيم الحدودي البحري، لا يمكن عدم تنفيذه، خصوصاً بعد الذي رأيناه من تجاوب سريع وفاعل للاميركيين والفرنسيين، كما اننا تلقينا التهاني من كل دول العالم الذين كانوا يعتبرون انه من المستحيل التوصل الى تفاهم في ما يتعلق بمسائل تخص لبنان وإسرائيل، وهي التي اعتادت ان تأخذ من العرب، انما هذه المرة نحن الذين اخذنا منها. فحقل قانا بات لنا بالكامل علماً ان امتداده يتخطى الحدود اللبنانية، ويجب بالتالي وفق القانون الدولي، تقاسم ثرواته. ولكننا حصلنا على كامل ما يتضمنه هذا الحقل حتى في القسم الواقع خارج حدودنا، وهو ما اعدناه بعد ان نعى الجميع الخط 23.

اما في ما خص الحكومة، فلا إرادة لدى الرئيس المكلف ولا لدى فريقه، في التشكيل. وكما سبق وذكرت، فإنه يلبي مطالب كل الأحزاب والتيارات والتكتلات النيابية، ما عدا مطلب التيار الوطني الحر. وبغض النظر عن كوني مؤسس هذا التيار ام لا، لا يجوز التعاطي بمعايير مختلفة، ومن غير المقبول وضع وصاية على التيار او على تكتل “لبنان القوي”، وهو امر لا يصح القيام به معنا فقد واجهنا دولاً لهذه الاسباب، وهذا يدل على عدم الرغبة في التأليف ومحاولة وضع اللوم على رئيس التيار جبران باسيل على غرار كل الذين يلومونه على كل مشكلة او حادث يحصل في لبنان. ولكن لحسن الحظ اننا من معدن فولاذي صلب، والا لما كنا استمرينا.

وعن عدم قانونية إعلانه نيته التوقيع على مراسيم قبول استقالة الحكومة ما لم يتم تشكيل حكومة أخرى، أوضح الرئيس عون ان ليس هناك من نص دستوري يشترط ذلك، بل ان المسألة متعلقة بالاعراف، ويمكن خرق العرف.

وعن مسألة الترسيم البحري مع سوريا، وعما اذا كان الاتصال الذي تم بينه وبين الرئيس السوري بشار الأسد سلبياً، نفى الرئيس عون ذلك وقال انه كان ايجابياً بالطبع، والا لما تم التواصل حول المسألة وطلب موعد للقاء، مجدداً التأكيد ان لدى سوريا رغبة في الترسيم وان التأجيل الذي اعلن عنه السفير السوري، قد يعود الى المهلة الزمنية القصيرة ريثما يتم تجهيز فريق التفاوض، فالمفاوضات صعبة حتى مع أصدقاء، لان المسألة تتعلق بالحقوق. لذلك تم الحديث عن تأجيل وليس عن رفض.

الدكتور شقير

وعند الثانية عشرة والربع عقد لقاء وداعي موسّع في “قاعة 25 أيار” حضره جميع المدراء العامين والمستشارين والعاملين في رئاسة الجمهورية وقائد وضباط لواء الحرس الجمهوري، القى في خلاله المدير العام لرئاسة الجمهورية الدكتور انطوان شقير كلمة قال فيها:

” فخامة الرئيس،

السيدات والسادة،

نجتمع اليوم، مدراء ومستشارين وعاملين في القصر الجمهوري، وقائد وضباط الحرس الجمهوري، في مناسبة مؤثرة لوداع فخامتكم بعد انقضاء ست سنوات من العمل تحت رئاستكم الحكيمة، وقيادتكم سفينة الوطن للوصول الى برّ الأمان رغم الأنواء العاتية وعواصف الأزمات العديدة غير المسبوقة التي نمرّ بها.

واذ سيسجّل التاريخ بأنكم استلمتم منصب رئيس الجمهورية الاثنين 31 تشرين الأول 2016 بعد فراغ امتد لسنتين وخمسة أشهر، وبأنكم سوف تغادرون القصر الجمهوري الاثنين 31 تشرين الأول 2022 من دون أن يكون هناك انتخاب لرئيس يخلفكم ضمن المواعيد الدستورية، ومن دون مراسم تسليم بعكس ما كنتم تتمنون، فان التاريخ لا بد سوف يشهد على ما عايشناه جميعاً هنا في القصر من اصرار ثابت لديكم على التصدي للتحديات الضخمة والعديدة التي واجهت لبنان لاسيّما في السنوات الثلاث الأخيرة من عهدكم.

وكنا نشعر نحن أسرة العاملين في القصر بأن هناك سباق دائم مع الوقت لازَمَ عهدَكم حيث كنتم تطمحون لإحراز انجازات لصالح لبنان على المستوييْن المحلي والدولي، وتسعون من دون كلل الى ازالة العقبات أمام تحقيقها كلما ضاق الوقت لذلك وتعاظمت الأزمات المانعة.

وتجلّى ذلك خاصة في التفاهم حول ترسيم الحدود البحرية الجنوبية الذي توصّلتم اليه بعد مفاوضات مضنية في الاسبوع الأخير من عهدكم ليبقى نافذة أمل حقيقية وجدية لتجاوز المرحلة الماضية والانطلاق نحو مستقبل واعد للبنان وشعبه والأجيال القادمة.

كما تجسّد ذلك في المكتب الاقليمي للفرنكوفونية في الشرق الأوسط الذي سوف تفتتحه الأمينة العامة للفرنكوفونية هذا الاثنين في آخر يوم من عهدكم وكذلك فخامة الرئيس في المبادرة الأقرب الى قلبكم وهي أكاديمية الانسان للتلاقي والحوار التي صوّتت لصالحها الجمعية العامة للأمم المتحدة بشبه اجماع في آخر يوم من الدورة 73

وكان هناك محطة بارزة في عهدكم هي استضافة لبنان للقمة العربية التنموية الاقتصادية والاجتماعية في 20 كانون الثاني 2019.

فخامة الرئيس،

في اطار متابعة هذه الملفات وغيرها كان لا بد لنا، وبناءً لتوجيهاتكم، من التواصل يومياً مع كافة الادارات الرسمية اللبنانية ومختلف الهيئات المعنية للعمل بيد واحدة لصالح الوطن، وأوجدنا آليات للتنسيق بطريقة فعّالة ومثمرة وقمنا بإنشاء عدة لجان مختصة كانت تجتمع دورياً في القصر الجمهوري.

ولا شك بان الأحداث والأزمات التي مرّت بها البلاد قد غيّرت الأولويات وفرضت نفسها على الأجندات، وخيّمت بظلالها وتداعياتها على دوائر القرار مما حتّم استنفار الهمم لمعالجتها، وقد قمتم، فخامة الرئيس، مرات عديدة بالعمل على التصدي المباشر لها عبر المتابعة الدؤوبة من قبلكم وقيامكم بترؤس العشرات من الاجتماعات بهذا الخصوص.

أما على صعيد ادارة القصر، فلقد قمنا باستحداث بعض الدوائر المختصة في القصر الجمهوري لمواكبة كل ذلك مثل خلية الشؤون الدبلوماسية، ووحدة التعاون الدولي، مما ساهم في خلق قنوات تواصل ضرورية مع الهيئات الدولية. كما بذلنا جهوداً كبيرة للمحافظة على مستوى الانتاجية وتحسين ظروف العمل رغم الضائقة المالية.

وقد واكب لواء الحرس الجمهوري كل الاستحقاقات المهمة وأظهر عن كفاءة عالية واخلاص كبير في تأدية مهامه. وقامت المديرية العامة للمراسم بتأمين كل مقوّمات النجاح لكافة المناسبات واللقاءات التي جرت داخل القصر وخارجه اضافة الى مشاركة فخامة الرئيس في قمم وزيارات رسمية. وكان لمكتب الاعلام الدور الأساس في العمل على تظهير الصورة الصحيحة للوقائع أمام الاعلام المحلي والدولي تحت وقع عدة حملات تجن وافتراءات مشبوهة الأهداف.

ولا يسعني، فخامة الرئيس، في هذه العجالة سوى الاشادة بجهود العاملين في القصر الجمهوري بكل دوائره والذين تفانوا في عملهم وسعوا الى تنفيذ توجيهاتكم بأفضل صورة رغم الظروف وما فرضته الكورونا من اجراءات مرهقة.

ختاماً، أتوجّه باسمي وباسم كل اسرة القصر، بأجمل عبارات التقدير الى السيّدة الأولى التي كانت لها لمساتها المميزة خلال هذه السنوات الست ورعايتها للعديد من الأنشطة الاجتماعية المفيدة للبيئة وللمجتمع بكل فئاته.

شكراً فخامة الرئيس على كل ما عشناه معكم من تجربة قيادية فريدة، ومن لمسات انسانية رائعة تحملونها في كل ما تسعون اليه، وشكراً على الثقة التي أوليتمونا اياها وروح التعاون والتضحية التي عززتموها فينا.

فخامة الرئيس، نودعكم اليوم متمنين لكم دوام الصحة والمزيد من التوفيق، وانتم سوف تغادرون هذا القصر في نهاية عهدكم ولكننا متأكدين بان لبنان سوف يشهد موسم الحصاد قريباً للإنجاز الكبير الذي زرعتموه عبر اتفاق ترسيم الحدود البحرية وكذلك المشاريع الاصلاحية التي جاهدتم في سبيلها”.

رد الرئيس عون

ورد الرئيس عون متوجها بالشكر الى الجميع، وقال: “لقد مررنا في السنوات الست الأخيرة  وقد شكلت اصعب مرحلة في التاريخ وكانت نتائجها كذلك من اصعب النتائج  التي لم نر مثيلا لها الا في العام  1916، ولكن والحمد لله، كان البحر مفتوحا والحدود مع الجيران كذلك، والا لكان اللبنانيون تعذبوا وخسروا الكثير”.  واضاف:”ان الصعوبات كانت كثيرة والبلاد رازحة تحت تأثير الفساد في ظل وجود أجهزة دولة مهترئة، الا انني شاهدت تضامنكم في عملكم وقد كنتم نموذجا ووضعتم نصب اعينكم ضميركم وواجبكم. لذلك أتوجه اليكم بالشكر والتهنئة على امل ان تحافظوا على هذه المسيرة لأننا بحاجة الى لبنانيين يتمتعون بهذه الهمة والانضباط ليتمكنوا من القيام بالعمل المطلوب كما يجب.”