المرتضى لمناسبة استذكار الحرب الاهلية اللبنانية: ليكن تذكر معالمها دافعا وطيدا لبناء السلام الدائم، المسيج بالعزة والكرامة والحرية

المرتضى لمناسبة استذكار الحرب الاهلية اللبنانية: ليكن تذكر معالمها دافعا وطيدا لبناء السلام الدائم، المسيج بالعزة والكرامة والحرية

 

شدد وزير الثقافة في حكومة تصريف الاعمال القاضي محمد وسام المرتضى على “ان هنالك مسؤولية كبرى ملقاة على المدارس والجامعات ودور التربية والأحزابِ السياسية، وعلى الإعلام بشكل أخص، أن يبينوا الصورة القبيحة للحرب، ويفهموا النشء الطالع أن الفتنة شر مطلق مهما تم تجميل سحنتها بمساحيق الشعارات”.

كلام الوزير المرتضى جاء في خلال كلمة له في حفل اطلاق التطبيق الالكتروني “green line”. الخط الاخضر بدعوة من جمعية “محاربون من اجل السلام حيث شمل التطبيق جولة افتراضية على طول الخط الاخضر السابق للحرب الاهلية اللبنانية من خلال قصص المقاتلين السابقين.

ومما جاء في كلمة المرتضى: “كي لا ينبت العشب بين شقوق الذاكرة، ينبغي لنا دائما أن نستعيد مسيرات افتراضية على خطوط التماس القديمة التي تنتمي لزمن الحرب المشؤومة. فإننا، حين نمشي بين ذكريات ركامها، نحس أوجاع الحجارة المهشمة التي كانت أطرى من قلوب كثيرة، ونألم للمنازل التي هجرها الناس ليسكنها الدمار، ونأسى لأشلاء الآمال التي حملها مثقفو لبنان بأن يكون لهم وطن مسيج بالفكر والريشة واللحن، فإذا به في حقبة ما أسير النار والكراهية.

ولكي تبقى الأجيال الطالعة مطمئنة إلى السلام، ينبغي لها أن تتذكر بلا انقطاع كم عانى الآباء والأجداد أيام المتاريس والحواجز والقصف والقنص.
ولكي تبقى بيروت واحدة، ولبنان متحدا، والشعب موحدا، ينبغي للبنانيين أن يقفوا ههنا بين وقت وآخر، ويشبكوا الأيدي والقلوب لينقوا غدهم من خوف المعارك والاشتباكات التي سيطرت على العاصمة سنين طوالا.

وإذا كان من نقص المدينة، أي مدينة، أن تكون غابات من الباطون كما يقولون، فذلك أفضل ألف مرة من خضرة تنبت فوق الأطلال، عشبا بريا، يعطي الصفة الجميلة لأكثر الأشياء الوطنية قبحا: الحرب. فكيف نسميه خطا أخضر ولم يكن فيه سوى سواد ليل وحمرة دماء؟ الحمد لله أنه نفض الخضرة عنه اليوم واستعاد رونق الحياة النابضة من شرفة إلى أخرى وبين نافذة وجارتها المقابلة.
لكن أشد ما يبعث الخوف في النفوس، ألا يقرأ الشباب اللبناني مآسي تلك الحرب التي لم توفر أحدا على امتداد الوطن، وأن يكتفوا بقراءة أحداثها في دواوين البطولات والعنتريات الحزبية، فإنهم بهذا لا يكونون قد خرجوا من تأثيراتها حتى ليخشى وقوعهم فيها مجددا. هذا يلقي مسؤولية كبرى على جميع المؤسسات الوطنية الرسمية والأهلية، وعلى المدارس والجامعات ودور التربية والأحزاب السياسية، وعلى الإعلام بشكل أخص، أن يبينوا الصورة القبيحة للحرب، ويفهموا النشأ الطالع أن الفتنة شر مطلق مهما تم تجميل سحنتها بمساحيق الشعارات. ذلك أن بعض إرهاصات الحوارات التي سمعناها في الآونة على أفواه الشباب في بعض وسائل الإعلام، توحي باتساع الشروخ بينهم اتساعا يحمل على القلق؛ وبخاصة إذا لاحظنا النبرة التي يتحدثون بها بعضهم تجاه بعض.

هذا كلام مقتضب في مناسبة ليست للكلام بل للتأمل والتفكر بالماضي من أجل حماية المستقبل. بوركت جهودكم، وليكن تذكر معالم الحرب دافعا وطيدا لبناء السلام الدائم، المسيج بالعزة والكرامة والحرية”.