بيان عمدة الإذاعة في “القومي” بمناسبة 8 تموز: نضال القوميين وعملهم ونهجهم اليوم هو استمرار لنهج سعاده الذي ختمه بدمائه وهم أمناء لعقيدته مخلصين لحزبه أوفياء للتضحية والفداء
أصدر وكيل عميد الإذاعة في الحزب السوري القومي الاجتماعي شادي بركات بيان الثامن من تموز، ذكرى استشهاد مؤسس الحزب أنطون سعاده وجاء فيه:
يخبرُنا التاريخُ أنّ البطولات الأسمى تلك التي تتوّجُ بالفداء، لتُخلّد في الزمن كملاحم أسطوريّةٍ مُتفرّدة. تقفُ عند عظمتها الأجيال وتستنبطُ جميل القيم أجودها. كذلك الثامن من تموز من عام 1949، يوم اغتيل أنطون سعاده مؤسّس الحزب السوري القومي الاجتماعي، والذي يُحاكي بمُجرياته ومعانيه أمجد الملاحم وأكثرها نُبلاً وشرفاً وعزّاً، حيثُ بلغت البطولةُ حدّ الاستشهاد… وحيثُ جاد العطاءُ حدّ الدّماء.
نستحضرُ اليوم ذكرى 8 تموز وبلادنا ترزحُ تحت الضغوط والأخطار الداخلية والخارجية، السياسية منها والاقتصادية والثقافية والاجتماعية. والأطماعُ في أرض وطننا وخيراته تتنامى، فأعداؤنا يتربّصون بنا من كُلّ حدبٍ وصوب، ينتظرون الفرصة المؤاتية للانقضاض على شعبنا وإخضاعه بالقوّة لسرقته وتشريده وسلبه حقّه في الحياة.
أيّها السوريون القوميون الاجتماعيون…
كُلّما اشتدّت الصّعابُ وتفاقمت الأخطارُ ازدادت حاجة الأمّة لكم، وكثُرت مسؤولياتكم وواجباتكم، وعظُم دوركم في السّير بهذه الأمّة نحو نور الشمس.
“أنتم أملُ الأمّة الوحيد».. هذه رؤية الزعيم ومبلغ ثقته بكم، لذا أرسى رسالته على أكتافكم الجبّارة وائتمنكم على صون العقيدة والمؤسسة وتحقيق النهضة وخوض الصّراع حتى النصر الذي أوصاكم به في كلماته الأخيرة.
في هذه الظروف العصيبة مكانكم الطبيعي ساحة الجهاد والعمل. أنتم عمادُ الحركة القومية الاجتماعية وسلاحها وقوّتها الكامنة. حاربوا مهانة الذلّ والاستسلام والقعود! لقد حان الوقت للالتفاف حول حزبكم وحمايته وإمداده بالقوّة الخلّاقة والمواهب والعقول النيّرة والإرادة الصلبة التي لا تحيد عن غايتنا.
أيها السوريون،
تخوض أمتنا اليوم معارك على جبهات عدة وتقع بين كماشة تشتدّ أوتادها لتسحقها، شمالاً حيث يستعد فكّ الاحتلال التركي لقضم أراضٍ سورية جديدة واحتلالٍ أميركي أمعن في سرقة مقدرات سورية من مصادر الطاقة والقمح… وجنوباً تقوم فيها العصابات اليهودية بقضم الأراضي والاستيطان وتوسيع نطاق السيطرة على مصادر الطاقة بحراً وبراً في ظلّ عملية تطبيع عربية واسعة تؤسّس لمرحلة صراع جديدة.
واذا كان تموز يحمل معنى الفداء، فهو اليوم دعوة لأهلنا في الشمال السوري لتوحيد القوى مع الجيش السوري ونسور الزوبعة وإعلان جبهة مقاومة وطنية شاملة في الشمال تطرد الاحتلالين الأميركي والتركي وعملائهما من أصحاب الدعوات والنزعات الطائفية والعرقية التقسيمية، وهي دعوة أيضاً لتعزيز النفسية الوحدوية ضمن الهوية السورية الجامعة الموحدة والضامنة للجميع، فالمبدأ الأساسي هنا هو انّ القضية السورية هي قضية الأمة السورية والوطن السوري، فوحدة الأمة ومعناها ونطاقها واتجاهاتها النفسية شرط لوحدة الوطن وأراضيه، حتى لا يحوّل التقسيم النفسي وتعزيز الهويات الفرعية الطائفية والعرقية والاثنية كل جماعة إلى أمة مما يؤدّي لتقسيم الوطن الى أوطان، وفي المقابل انّ تقسيم الوطن الواحد الى جغرافيا مقسمة يحوّل كلّ جماعة على هذه الكيانات المصطنعة الى أمة، مما يعزز النعرات والنزعات ويضعف الأمة ويشتت مواردها ويضرب الشقاق في الجسم الواحد، ومنه يتسرّب الاحتلال تارة بلبوس ديني وتارة أخرى بلبوس عِرقي لأهداف لا تؤدي إلا إلى خراب الأمة وانحطاطها وذهاب مواردها لصالح الأمم القوية الموحدة الهوية والمصالح والمصير.
انّ الأمة السورية مجتمع واحد، وضمن هذه الهوية السورية انصهرت كلّ الجماعات والثقافات وأصحاب المعتقدات المختلفة في سورية وبها تشكل مزيج سلالي متنوع امتزج عبر التاريخ وانصهر في هذه الأرض وشكل هوية واحدة تحفظ الجميع وتصون له قناعاته الفردية الثقافية وتصهره في أمة واحدة ومجتمع واحدة، فوحدة المجتمع السوري شرط لوحدة هذه الأمة وبهذه الوحدة الاجتماعية والسياسية في إطار الدولة المركزية وهويتها السورية القومية الاجتماعية ضمان جميع السوريين وحريتهم الثقافية وبها تصان الأرض من كلّ احتلال، فلا ضمان لأيّ فرد او جماعة او فئة سورية إلا ضمن نطاق الهوية السورية ولا تصان الأرض وسيادتها إلا بالجيش السوري وقرار قيادته المركزية بوحدة الأرض السورية، وكلّ مراهن على جيوش المحتلّ ومروّج لها تحت عناوين طائفية او عرقية نذكره انّ هذه السياسات لم تجلب إلا الخراب والدمار، ومصير كلّ عميل شاهدٌ له في الذاكرة “جيش لحد” في الجنوب اللبناني ونهايته الذليلة.
في لبنان والعراق لم يجلب النظام الطائفي والتحاصصي إلا الخراب والانهيار والأزمات السياسية والاقتصادية المتتالية وبات واضحاً انّ دعاة المحاصصة المذهبية والنظم الملّية المحمولة بجلبابٍ أميركي وغربي وسياق التطبيع المراهنين عليه هؤلاء المقامرين بمصير الشعب لم يجلبوا معهم إلا الخراب العظيم، ومعهم التغييريون الجدد ومحركهم “شينكر” حيث لم يمضِ وقت طويل حتى أميط اللثام عن حقيقتهم ودورهم في سياق الأدوات الأميركية لضرب المشروع الوحدوي وإرثه النضالي المقاوم، وهي دعوة اليوم للشعب للفظهم ومحاسبتهم وعدم التنازل عن حقوقه الوطنية والقومية والركون لعملية الخداع التي أذعن لها وضُلّل بها.
وفي جنوب الجنوب فلسطين امتدادٌ لمعركة واحدة شمالاً وجنوباً شرقاً وغرباً، هي معركة الدفاع عن سيادة الأمة وحقوقها القومية، بمواجهة استيطان ومشاريع تصفية المسألة الفلسطينية تارة تحت عنوان التطبيع العربي وأخرى بعزلها عن قضيتها القومية، لذلك يعيد الحزب السوري القومي الاجتماعي التذكير بأنّ المسألة الفلسطيينة هي جزء من قضية سورية واحدة وان القضية السورية مستقلة كلّ استقلال عن أيّ قضية أخرى، وبالتالي لا شرعية حقوقية لأيّ فرد أو جهة أو دولة بالتنازل عن أيّ شبر من أرض فلسطين ومياهها، وستبقى حقاً قومياً تقاتل لاسترداده الأجيال، وانّ مسارات التطبيع لن تلقى سوى مصير أسلافها من كامب ديفيد ووادي عربة الى اوسلو وملحقاتها…
أيها السوريون القوميون الاجتماعيون
لا تحيدوا البوصلة عن قضيتكم القومية نحو قضايا فرعية أرادها العدو لكم لتشتيت قواكم، ولا تركنوا لدعوات الفتنة والتقسيم والفظوا من أثبتت الأيام انّ دعوات التغيير التي رفعها لم تكن إلا حجاباً لحقيقة باتت واضحة عنوانها تصفية حزبكم لصالح فئات طائفية لا قومية، وها هو التاريخ يعيد نفسه ليؤكد انّ كلّ من سعى لتصفية الحزب السوري القومي الاجتماعي كان هو المصفّى، فعملكم ونهجكم اليوم أيها القوميون ليس إلا استمراراً للنهج الذي أسّسه سعاده وختمه بدمائه، فكونوا أمناء لعقيدته، مخلصين لحزبه، أوفياء للتضحية والفداء.
سيروا في نور تعاليمه، في ضوء المبادئ ونظرتنا الجديدة للحياة والكون والفن، اجتهدوا واعملوا بما أتاكم به زعيمكم. فهو ضامنٌ لكم النصر الأكيد.