مفتي لبنان في مؤتمر مركز سلام: تجديد الخطاب الديني له دور مهم في مواجهة التطرف باعتباره فكرًا يهدِّد أمن الأوطان وسلامتها

مفتي لبنان في مؤتمر مركز سلام:  تجديد الخطاب الديني له دور مهم في مواجهة التطرف باعتباره فكرًا يهدِّد أمن الأوطان وسلامتها

قال سماحة الشيخ عبد اللطيف دريان مفتي الجمهورية اللبنانية: إنَّ الإسلام عقيدة وشريعة، دين العدل والحكمة والرحمة، وأحكامه تتسم بالمرونة لا بالتحجر، وتوائم بين الثابت والمتغير، والأصالة والمعاصرة، وإن تجديد الخطاب الديني ضرورة ماسَّة، تحتاج إليها الأمة في كل حقبة من الزمان؛ وهذا التجديد بمفهومه الصحيح هو الذي بشَّر به الرسول صلى الله عليه وسلم، لا سيَّما أن التحديات التي تواجه الأمة الإسلامية عظيمة الأثر، سواء على مستوى الفرد أم على مستوى الجماعة والأمة.
جاء ذلك خلال كلمة له بعنوان: “تجديد الخطاب الديني ودَوره في مواجهة التطرف”، ألقاها في مؤتمر “التطرف الديني: المنطلقات الفكرية، واستراتيجيات المواجهة” الذي نظمه مركز سلام التابع لدار الإفتاء المصرية والأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، مضيفًا فضيلته أن تجديد الخطاب الديني له دَور مهم في مواجهة التطرف باعتباره فكرًا يهدد أمن الأوطان وسلامة المجتمعات، بل يتهدَّد سلامة الأمة كلها نتيجة فهم خاطئ للدين، وتأويل سيِّئ لنصوصه وبُعد عن مقاصد الشريعة ومكارمها ومآلاتها.
وشدد فضيلة مفتي لبنان على أن تجديد الخطاب الديني لا يمكن أن يكون بإلغاء الدين، بل يكون بالعودة للمنابع والأصول عودة كاملة صافية، ودعوة للثبات على الحق وترك التقليد الفاسد القائم على الاتباع والمحاكاة على غير بصيرة، كما أن تجديد الخطاب الديني لا يمكن أن يتم بغير ضوابط صحيحة وواضحة، وإلا كان تخريبًا ولم يكن تجديدًا.
ولفت فضيلته النظر إلى أن من معالم عظمة الدين أن الخطاب الديني يبني ولا يهدم، ويجمع ولا يفرِّق، ويعمِّر ولا يدمِّر، ويشيد ولا يُبِيد، شعارُه الرحمةُ والتسامحُ، ودثارُه الحوارُ والتعايشُ، فالشريعة جارية في التكليف بمقتضاها على الطريق الوسط العَدْل، الآخِذ من الطرفين بقِسْط لا ميلَ فيه، فهي شريعة الهداية والاستقامة والوسطية والاعتدال، والخطاب في الإسلام خطاب رحمة وتسامُح وأَمْن واستقرار ورخاء وسلام.
وأضاف قائلًا: والمؤمَّل من تجديد الخطاب الديني هو الحفاظ على ثوابت الأمة وأصولها أن تطالَها يدُ العبث والتغيير، وتخليص الشريعة ممَّا عَلِقَ بها من شوائب الجهل والمحدَثات، وأدران الأباطيل والضلالات.
وأشار فضيلته إلى أن التطرف ظاهرة مرضية تؤشِّر على وجود خلل ما في النفس الإنسانية أو في الظروف المحيطة بها، فالنفس الإنسانية السوية بطبيعتها ترفض التطرف والتعصب والجمود، لأن الفطرة السليمة تأبى ذلك وتنفر منه، بل يُعد التطرف فكرًا دخيلًا على المجتمع الإسلامي، يقوم على التزمُّت في فهم النصوص الشرعية دون الرجوع لأهل الاختصاص.
واختتم فضيلة مفتي لبنان كلمته قائلًا: إن مواجهة التطرف تستوجب قيام المؤسسات الدينية من خلال المراجع الدينية المؤتمنة على الدين بضرورة توجيه الخطاب الديني المعتدل لبناء مشروع حضاري متكامل مستوعِب للتهديدات التي يكرسها خطاب التطرف والتخوين، يربط نصوص العقيدة الدينية ومبادئها بواقع الحياة المعاصرة، بأسلوب وتعبير متجدد ليكون خطابًا متكاملًا منفتحًا يعزز الحوار والوسطية، ويحافظ على ثوابت الدين وأصوله، وعلى الهوية الدينية والثقافية ويعزز تماسك المجتمعات.