حسناء الشرتي.. عندما تبوح الألوان بمكنونات الروح في معرض “بصمات أنثوية” : عبد المجيد رشيدي

افتتح مساء يوم السبت 22 مارس الجاري، بمدينة الدار البيضاء معرض “بصمات أنثوية”، بمشاركة مجموعة من الفنانين والفنانات التشكيليين الذين أبدعوا في تقديم لوحات تعكس رؤاهم الفنية العميقة، وقد شهد المعرض حضورا مميزا من عشاق الفن والنقاد، الذين توافدوا للاستمتاع بهذه التظاهرة التشكيلية الفريدة، حيث تألقت الفنانة حسناء الشرتي، التي استطاعت أن تخطف أنظار الزوار وتلامس أحاسيسهم العميقة من خلال عملين فنيين حملا في طياتهما الكثير من العاطفة والغموض والجمال.
قد يكون الفن هو اللغة الوحيدة القادرة على تجاوز حدود التعبير التقليدي، وهو ما جسدته حسناء الشرتي في لوحتيها اللتين أسرتا قلوب الحاضرين قبل عيونهم،
اللوحة الأولى جاءت كقصيدة صامتة تروي قصة عناق مفعم بالشجن، حيث تتماهى الأجساد في لوحة يغلفها الغموض، فتبدو الملامح غائبة، وكأنها دعوة للمتلقي ليملأ الفراغ بتأويلاته الخاصة، الألوان الداكنة والخطوط الانسيابية تخلق حالة من التناقض بين الحضور والغياب، بين اللقاء والافتراق، مما جعل اللوحة تحتل مكانة خاصة لدى الزوار الذين وقفوا أمامها طويلا، غارقين في دهشتها.
أما اللوحة الثانية، فهي أكثر حميمية ودفئا، حيث تجسد الفنانة حسناء الشرتي فيها لحظة تأمل تجمعها بشقيقتها، في مشهد يشع بالهدوء والترابط العاطفي، تجلس الأختان جنبا إلى جنب، وكأنهما تغوصان في عالمهما الخاص، عالم مليء بالذكريات والمشاعر التي لا تحتاج إلى كلمات لتُفهم، الألوان الهادئة، والخطوط الرقيقة، والضوء الذي ينعكس على المشهد، كل ذلك يجعل اللوحة أشبه بمرآة تعكس الحب الأخوي في أبهى صوره، مما أضفى عليها طابعا مؤثرا ومليئا بالدفء.
لم يكن هذا المعرض مجرد عرض للوحات، بل كان احتفالا بالجمال في أرقى تجلياته، حيث حصدت الفنانة حسناء الشرتي إعجاب الحاضرين، الذين أثنوا على قدرتها الفريدة في تحويل المشاعر إلى لوحات حية تنبض بالإحساس، وقف الكثيرون أمام أعمالها، متأملين كل لمسة فرشاة كأنها حرف في رواية غير مكتملة، لا تكتمل إلا حين يضيف إليها المشاهد شيئا من ذاته، وهو ما منح لوحاتها بعدا أكثر عمقا وتأثيرا.
إن نجاح الفنانة حسناء الشرتي في هذا المعرض ليس وليد الصدفة، بل هو ثمرة موهبة متقدة، وشغف متجذر، ورؤية فنية تتجاوز حدود المألوف، في كل لوحة ترسمها، تضع جزءا من روحها، وفي كل معرض تشارك فيه، تترك بصمة لا تُمحى، لتثبت أنها ليست مجرد فنانة، بل سيدة مكتملة المشاعر تُجيد رسم القصص بالألوان، وتنثر الإحساس في قلوب عشاق الفن أينما حلت وارتحلت.