الجهل والتطرف: خنجر في قلب الوطن بقلم الفقير .نادى عاطف

الجهل والتطرف: خنجر في قلب الوطن     بقلم الفقير .نادى عاطف

إن الوطن ليس مجرد أرض أو حدود جغرافية، بل هو روح تجمع أبناءه تحت مظلة واحدة من القيم والمبادئ، تظللهم بالأمن، وتمنحهم الشعور بالانتماء. غير أن هذا الكيان العظيم يصبح عرضة للانهيار حين يتسلل الجهل والتطرف إلى عقول أبنائه، فينقلب البناء إلى خراب، ويتحول السلام إلى صراع يُدمِّر أواصره من الداخل.

الجهل: شرارة الدمار الأولى

الجهل ليس مجرد غياب المعرفة، بل هو انطفاء نور العقل الذي يُميّز بين الحق والباطل، ويُدرك قيمة التعايش واحترام الآخر. حين تفتقد الشعوب التعليم الواعي، تُصبح عرضة لكل فكرة دخيلة، تُلقّنها شعارات زائفة باسم الدين أو العقيدة، لتُشعل نار الفتنة بين أبناء الوطن الواحد. الجهل يُحوّل الإنسان من مُفكر واعٍ إلى أداة تُستخدم بلا إدراك، تُمزّق ما بُني بدماء الأجيال السابقة.

التطرف: الطعنة التي تُمزق النسيج الوطني

المذاهب الدينية المتطرفة هي الأخطر على استقرار الأوطان، لأنها تُوظّف الدين، أعظم القيم الإنسانية، كسلاح لنشر الكراهية، وتحويل الاختلاف إلى صراع. المتطرفون لا يكتفون بتدمير الأرواح فحسب، بل يعملون أيضًا على ضرب النسيج الاجتماعي، وإضعاف الدولة من الداخل عبر تفكيك وحدتها. إنهم أعداء التنوير، يسعون إلى جعل الجهل قاعدة والكراهية منهجًا.

الآثار الكارثية للجهل والتطرف

  1. تفكيك الوحدة الوطنية: يزرع الجهل بذور الشك بين أبناء الوطن، ليتحولوا من شركاء في البناء إلى خصوم يتصارعون على الهوية.

  1. إهدار الطاقات: تُستنزف موارد الوطن في محاربة الإرهاب بدلاً من استخدامها للنهوض بالتعليم والاقتصاد.

  1. تشويه صورة الدين: يجعل المتطرفون الدين مظلة لتبرير جرائمهم، ما يُسيء إلى رسالته السامية التي تقوم على التسامح والمحبة.

سبل مواجهة هذا الخطر

التعليم هو السلاح الأقوى: التعليم يُضيء العقول، ويُنشئ جيلًا واعيًا يُدرك أن التنوع مصدر قوة وليس ضعفًا.

تعزيز الهوية الوطنية: يجب أن تكون القيم الوطنية فوق كل الانتماءات الأخرى، لتُصبح الوحدة جدارًا يحمي الوطن من الانقسام.

محاربة الفقر والبطالة: الفقر يفتح أبواب اليأس، ويجعل الشباب أرضًا خصبة لتلقف الأفكار المتطرفة.

إشاعة ثقافة الحوار: الحوار بين الأديان والمذاهب يُبرز المشتركات ويُعمق الإحساس بالإنسانية الجامعة.

إن أخطر عدو للوطن هو ذلك الذي يتسلل إلى عقول أبنائه، فيُطفئ نور العلم، ويُشعل فتيل الكراهية. لذلك، فإن مسؤوليتنا جميعًا، أفرادًا ومؤسسات، أن نحارب الجهل ونقف ضد التطرف بكل أشكاله. فالوطن يُبنى بالعقول الواعية والقلوب المتسامحة، وليس بالصراعات التي لا رابح فيها سوى أعداء الإنسانية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *