الفقر لا يصنع ثورة، إنما وعي الفقير هو الذي يصنع الثورة
بقلم الفقير .نادى عاطف
الفقر، في جوهره، ليس سوى نتيجة لخلل في توزيع الموارد والعدالة الاجتماعية. ومع ذلك، لا يمكن للفقر وحده أن يكون القوة المحركة لثورة تغير واقع المجتمعات. الفقر قد يولّد الألم والحنق، لكنه يبقى طاقة كامنة ما لم يُترجم إلى وعي شعبي مشترك يدرك أسبابه وأبعاده، ويتحول إلى قوة تسعى إلى التغيير.
الطاغية يدرك ذلك جيدًا؛ لذا فإن أولى مهامه ليست فقط إبقاء الفقراء في دائرة العوز، بل أيضًا تدمير وعيهم. الطاغية يريد فقيرًا خائفًا من التغيير، مشغولاً بلقمة العيش، وغارقًا في دوامة يومية من الصراع للبقاء. لأن الفقر المصحوب بالجهل يصبح وسيلة ناجعة لضمان استمرار الهيمنة والاستبداد.
أما الكاهن، سواء كان كاهنًا دينيًا أو فكريًا أو إعلاميًا، فهو اليد اليمنى للطاغية. يعمل على تغييب وعي الجماهير عبر بث أفكار تُبرر الظلم، وتُضفي شرعية على الاستبداد. يزرع الخوف من التمرد، ويُغرق العقول في الشعائر الفارغة والخرافات التي تُقنع الفقير بأن معاناته قدرٌ مكتوب أو امتحان إلهي.
لكن عندما يتحرر الفقير من أسر الجهل، يدرك أن فقره ليس حتميًا، وأن الظلم الذي يعانيه ليس سوى نتيجة نظامٍ فاسد. هنا فقط يتحول الفقر إلى ثورة، والحرمان إلى شعلة تغيير. الوعي هو القوة الدافعة، السلاح الذي يجعل المقهورين قادرين على كسر القيود وتحطيم جدران الاستبداد.
في النهاية، الثورة ليست صراخًا عشوائيًا في وجه الظلم، بل هي عملية واعية، تبدأ بفهم الواقع وتحديد أسبابه، ثم تُترجم إلى فعل منظم يهدف إلى بناء مستقبل أكثر عدلاً وإنسانية. لذلك، مسؤولية المثقفين والقادة الأحرار هي بناء هذا الوعي، حتى لا يبقى الفقر مجرد حالة ألمٍ، بل يصبح دافعًا لإعادة صياغة المجتمعات على أسس من الحرية والعدالة.