المرتضى من النبطية عن دلال عبّاس: لقد ألغى قلمُها الغربةَ التي يريدُ بعضُ الناسِ أن يبسطَها بين الثقافتين العربية والفارسية، وهتف بأعلى حبرِه: لا غريب بينهما سوى الشيطان.

المرتضى من النبطية عن دلال عبّاس: لقد ألغى قلمُها الغربةَ التي يريدُ بعضُ الناسِ أن يبسطَها بين الثقافتين العربية والفارسية، وهتف بأعلى حبرِه: لا غريب بينهما سوى الشيطان.

رعى وزير الثقافة القاضي محمد وسام المرتضى حفل توقيع كتاب “أيام مئات في ايران قبل الثورة ” للأديبة الدكتورة دلال عباس بدعوة من “دار الامير للنشر ” في مسرح ثانوية كامل الصباح في النبطية بحضور النائبين محمد رعد وهاني قبيسي وحشد من الفاعليات السياسية والثقافية والاجتماعية .
وكان للوزير المرتضى كلمة جاء في :”أيامٌ مئات في إيران قبل الثورة، كتاب جديد يُضافُ إلى المكتبة العربية بتوقيع الدكتورة دلال عباس التي صرَفَت قلمَها إلى شأنٍ جليلِ المسارِ والتأثير يتمثل في بناء الجسور بين الثقافات وبخاصة العربيةِ والفارسية. وكما يُفْصِحُ العنوان تحاولُ الكاتبة أن تُقدّم للقراء صورةً كاملةَ الأجزاءِ عن أوضاعِ إيران قبل الثورةِ الإسلامية التي أطلقها الإمامُ الخميني وخضَّ بها تاريخَ بلادِه والتاريخَ العامَّ للإنسانية، بقوةٍ لا تزال ارتداداتُها تفعلُ فعلَها إلى اليوم.
​وإذا كانت الدكتورة عباس قد تعلّقت باللغةِ الفارسيةِ منذ أواخرِ الستينيات من القرن العشرين إبّانَ دراستها الجامعيةِ في الجامعةِ اللبنانيةِ الوطنية، فإنه شغفٌ لم يقتصرْ على الاكتسابِ الذاتيّ فحسبْ بل تعدّاهُ ليصيرَ عمليةَ تعريبٍ وتعليمٍ جامعي ونقدٍ ودراسةٍ مقارَنة، كانت الدكتورة عباس فيها صلة الوصلِ بين التراثين الفارسي والعربي، وكشفَت من خلالِها للأجيال العربية مقدار الترابط العضوي بين ثقافتين متجاورتين نمتا في حضن الإسلام يتجلياته المعرفية كافةً، وأخذت هذه من تلك وتلك من هذه عاداتٍ ومعتقداتٍ إيمانيةً ومفرداتٍ ومعانيَ ورسمَ حروفٍ وأساليبَ بيان، وبخاصة أبعادًا عرفانيةً وصوفيةً حتى امتزج التاريخان في سياقات متقاربةٍ إن لم نقل واحدة. وهذه حقيقةٌ يعرفُها جميعُ دارسي الحضارات أنَّ الحضارة العربية الإسلامية إشتركَ في صناعتِها أقوامٌ من غير العرب، وشعوبٌ غيرُ مسلمةْ، ذلك أن اتّساع رقعةِ هذه الحضارة من الأندلس حتى حدود الصين، ما كان لانتماءٍ واحدٍ أن يملأه، ولهذا تعدّدت إنجازاتُه وعَظُمَت بتعددِ مصادرها المعرفية وعظمتِها. أما الكلامُ السياسيُّ الذي يدور عندنا في بعض المجالس اللبنانية عن استتباعٍ وانقيادٍ وتنفيذ مشاريع، وما إلى ذلك من مفرداتٍ وتعابيرَ زائفة، فإنه كلامٌ ينطلقُ من هوًى وينطقُ عن هوًى، وينهارُ انهيارَ الرملِ أمام معطيات التاريخ التي تمليها قواعد العمران البشري.
​ ولعلّ التفاتَ الدكتورة عباس بشكلٍ أساسيٍّ إلى الثقافة الإيرانية الحديثة، في كتابِها الذي ننتدي له اليوم كما في سائرِ كتبِها، ينمُّ عن مدى تأثّرها الشخصي بمفردات هذه الثقافة الإسلامية الإنسانية التي ترتبط أولًا وأخيرًا بمنظومة القيمِ التي من أهمِّ مبادئها العدالةُ ورفعُ المظلوميةِ والإخلاصُ للحقِّ حتى التضحية. وهذه مبادئٌ إيمانيةٌ وإنسانيةٌ ليس لها جنسية ولا انتماءٌ مذهبيٌّ أو مناطقي؛ ويحسنُ في هذا المجال أن أردِّدَ ما كنتُ قلتُه قبل مدة في الخطاب الذي ألقيتُه في المكتبة الوطنية أثناء الاحتفال بتكريم الدكتورة دلال عباس من أنها “مدّتْ يمناها إلى مجاني الفارسية، ويُسراها إلى شجرِ العربية، وطعَّمَتْ هذه بطعومِ تلك، وتلكَ بطعومِ هذه، واستخرجت من الثمار أحمالًا جديدةً يانعة، فأبطلَتْ بما فعَلَتْ قولَ المتنبي في مغاني شِعْبِ بَوّان عن أنَّ “الفتى العربيَّ فيها غريبُ الوجهِ واليدِ واللّسانِ”. لقد ألغى قلمُها الغربةَ التي يريدُ بعضُ الناسِ أن يبسطَها بين الثقافتين، وهتف بأعلى حبرِه: لا غريب بينهما سوى الشيطان… وتعرفون حتمًا من هو شيطانُ هذا العصرِ المزروعةُ قرونُه الاحتلاليةُ والتدميريةُ في أرضِنا”.
​هنيئًا للدكتورة دلال كتابها الجديد، وسدَّدَ الله أقلامَنا وجميعِ أعمالِنا، والسلام عليكم ورحمة منه وبركات.
والقيت كلمات لكل من مدير ثانوية الصباح ،ممثل عن جمعية تقدم المرأة ،مدير عام دار الأمير محمد حسين بزي