فضل الله في تكريم الراحل وجيه فانوس: كان عابراً لكل الجدران

كرمت جمعية المبرات الخيرية رئيس اتحاد مجالس أصدقاء المبرات المرحوم الدكتور محمد وجيه فانوس في مبرة السيدة خديجة الكبرى- بئر حسن،  بحضور رئيس جمعية المبرات الخيرية العلّامة السيد علي فضل الله، وزير الشؤون الاجتماعية الدكتور هكتور حجار، مدير عام الجمعية الدكتور محمد باقر فضل الله، مستشار رئيس الجمهورية الأستاذ ناجي خوري، وفعاليات دينية وتربوية واجتماعية وإعلامية وثقافية، بالإضافة إلى عائلة الفقيد.

العلامة فضل الله

ألقى العلامة فضل الله كلمة في المناسبة جاء فيها: “هناك من الناس من لا يحتاج إلى أن تفتح سجلهم حتى تعرف مدى الدور الذي قاموا به، والحضور الذي كان لهم، لأن حضورهم البارز والمتميز هو واضح بعدما تجذر في القلوب والعقول وفي ساحات العمل، وبات يتناقله القريب والبعيد… من هؤلاء الأخ والصديق العزيز الدكتور وجيه فانوس الذي رأى أن عليه أن يكون في كل موقع يستطيع الوصول إليه، لذا عمل في الميادين المتعددة فكان له موقعه الأكاديمي والثقافي والعلمي وشارك في الميدان الإسلامي والحواري، وكان حريصاً على أن يعبر عن إنسانيته وروحية الخير الدافعة عنده عندما استقل مركب المبرات وآثر أن يكون صديقاً لها، بل في مقدمة الأصدقاء ومن أوائلهم، كان يسابق الزمن حتى يكون عصير عمره وفيراً، وأن لا يمر على الحياة مروراً عابراً أو عادياً، بل أن يتجذر وجوده فيها وكان له ما تحقق”.

وأضاف: “لقد وجد الدكتور فانوس في المبرات ضالته لأنه كان يراها تنسجم مع فكره وتطلعاته وإنسانيته وهو الذي كان دائماً عابراً للطوائف والمذاهب ولكل الجدران التي أريد لها أن تنشأ بين مكونات الوطن،  وكان حلم الدكتور وجيه فانوس كبيرا بأن يكون هذا الوطن أنموذجاً في هذه المنطقة وعلى مستوى العالم، ورغم الظروف الصعبة التي عانى ويعاني منها هذا البلد، بقي يسعى إلى هذا الحلم ولم ييأس ولم يحبط بل كان يرى أن عليه أن يعمل أكثر في مواجهة من يريدون لإنسان هذا البلد أن يتخبط وأن ينقسم طوائف ومذاهب وأحزاباً وجهات..”.

وتابع: “نفتقده اليوم في المبرات، كما تفتقده الساحة الإسلامية بسعتها، والوطنية برحابتها، ومواقع الحوار والعلم والثقافة، ونشعر أن الفراغ الذي تركه لا يمكن أن يملأه إلا من كان له رصيده من الثقافة العالية والصبر الجميل والإحساس الكبير بالمسؤولية، والاستعداد الدائم للعطاء حتى ولو كان ذلك على حساب النفس والعائلة والمنزل والأهل، لأنه كان يحسب أن الأبوة لا يمكن أن تُختصر في ثنايا البيت العائلي، وخصوصاً إذا كان الأب يحمل كل هذا الإرث من المحبة والأدب والمعرفة والاستعداد المتواصل للبذل”.

وأكد فضل الله  أن الفقيد كان يرى في المبرات عين الوطن الحاضنة لكل المتعبين والمقهورين والمكلومين، وكان يردد دائماً بأنها المثال في هذا الوطن لأنها تنفتح على المجتمع كله، ويصفها بأنها مؤسسة إسلامية إنسانية للخير، لذا من هذا الموقع نشعر بأن الخسارة مضاعفة لأننا في مرحلة نفتقد فيها لهذه الروح الرسالية ولهذه الشخصية التي يصعب أن يأتي من يسد الفراغ الذي تركته.

ورأى “إن الوفاء للراحل، هو أن نستلهم مسيرته، وأن نسير في ركب المخلصين الذي أرساه رفاق دربه في المبرات وفي المركز الثقافي الإسلامي، وفي عطائه الجامعي، وفي اليراع الذي كان يسكب موسوعية وتراثاً وأدباً في الصحف وكل مواقع التواصل الاجتماعي، وحيث كان يكتب ويخط، فقد كان ذلك يحاكي كل آلامنا وأحزاننا وتطلعاتنا في بناء الوطن واستنهاض الأمة أو في تحريك عناصر الخير واستثارة الروح في كل مجالات العلم والمعرفة…”.

الوزير حجار

بعد ذلك كانت كلمة وزير الشؤون الاجتماعية الدكتور هكتور حجار أشاد فيها بمزايا الفقيد قائلاً ” نجتمع اليوم في حفل تكريم الراحل الدكتور محمد وجيه فانوس، وهو أديب وناقد في الأدب معلم من رتبة أستاذ، مدير ورئيس مسؤول، عاشق للمجتمع وحريص على قيادته بأفضل السبل ليصل إلى بر الصدق والثقافة والوطنية، هو البليغ في أدبه والمقتدر بفكره، بليغاً في عطائه وقديراً في رعايته لمجتمعه، آمن بالانفتاح ووثق بالأخوة والشراكة والتفاعل الإيجابي والبناء بين كافة شرائح المجتمع، وثق بالله وجعله مسيراً لخطواته، عمل بمشيئته وأحب كل من التقاه”.

وأضاف “وهل في الإنسانية ما هو أفضل من المحبة؟ ناصر الضعيف وأولى اهتماماً بالغاً بالمؤسسات الاجتماعية وأقام لهذه الغاية مؤتمرات وطنية شاملة، اعتنق الأدب والثقافة وحلق بهما ليكون فريداً بفكره المعاصر والراقي الإنساني الذي لا يميز لا دين ولا مذهب، رأى في الدين علاقة الإنسان بخالقه واحترم فرادة هذه العلاقة باحترامه لحرية الانسان، رأى في الإنسان فيها، ولم ينظر إليه كفرد أو رقم”.

ناجي الخوري

ثم كانت كلمة لمستشار رئيس الجمهورية للحوار الاسلامي المسيحي ناجي خوري قال فيها: “كانت تربطني بالفقيد نوع من الصداقة العفويّة، هو يجذبك دون أن تعرف لماذا ويصبح صديقك من اللحظة الأولى، وهو الشفّاف، الصريح، العفوي والقريب إلى القلب”.

وأضاف “كان من الطبيعي أن طرقاتنا تلتقي لنتعاون ونساهم في بناء وطن الرسالة ونظهر للعالم أنّنا شعب واحد، إرادة واحدة، في وطن واحد.. لبنان يستحق رجالا كوجيه وأمثاله”.

وتابع “أشكر الصديق الدكتور أنطوان طعمه الذي أعطانا الفرصة لنتعرّف على الدكتور وجيه المثقّف، الأكاديمي، ذو الفكر العميق الذي يمتلك القلم والفكر وطريقة ايصال الرسالة بسلاسة وبساطة وعمق، والمساهم بقوّة لجعل الفريق المتنوّع فكرياً وطائفياً وعمرياً، مجموعة أصدقاء، لا بل أخوة، يحبون بعضهم بعضا ويبنون سويا”.

كلمة العائلة

كذلك ألقى رمزي فانوس نجل الراحل كلمة العائلة وفيها: “انسجم وجيه فانوس مع  فكر ونهج مؤسس جمعية المبرات الخيرية، العلامة المرجع السيد محمد حسين فضل الله، رضوان الله عليه. فكر الحداثة والتجديد والمعاصرة في الخطاب الديني. فكر الانفتاح والتعايش والتكامل مع جميع افراد المجتمع باختلاف اديانهم وطوائفهم، والابتعاد كل البعد عن التعصب والتزمت”.

وأضاف: “رحل وجيه فانوس، نعم، انه القدر الذي لا مفر منه، ولكن عزاءنا نحن عائلته في إرثه الطيب الذي تركه لنا، وخصوصا إرثه في جمعية المبرات الخيرية”.

وختم “باسمي وباسم عائلة الدكتور وجيه فانوس، اتوجه بخالص الشكر والثناء والتقدير لجمعية المبرات الخيرية على وفائها واخلاصها وتقديرها لوالدي العزيز. وكلنا ثقة، بالله عز وجل، وبالعلامة السيد علي فضل الله، وبإداري ومسؤولي جمعية المبرات الخيرية واتحاد مجالس اصدقاء المبرات باستمرار تأدية رسالتها الإنسانية في خدمة الإنسان”.

تخلل الحفل شهادات لكل من أصدقاء مبرّة الإمام الخوئي ألقاها الأستاذ يوسف حمدان، صديقات مبرّة السيدة خديجة(ع) ألقتها الأستاذة لبنى الحسيني، صديقات مبرّة الإمام الرضا(ع) ألقتها الأستاذة سحر صالح، وكلمة أصدقاء جمعية متخرجي المبرات ألقاها الدكتور شهاب كنعان.

في ختام الحفل منح العلامة فضل الله درع المبرات التكريمي لعائلة الفقيد الدكتور فانوس.