كلمة الاستاذ هيثم جمعة في مجالس عاشوراء في المجلس الشيعي

كلمة الاستاذ هيثم جمعة في مجالس عاشوراء في المجلس الشيعي

برعاية وحضور نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى سماحة العلامة الشيخ علي الخطيب احيا المجلس اليوم الخامس من عاشوراء لهذا العام في مقر المجلس بحضور شخصيات سياسية ونيابية واجتماعية وعلماء دين ومواطنين، وتلا المقرئ أنور مهدي ايات من الذكر الحكيم، وقدم الحفل د. غازي قانصو ، والقى نائب رئيس حركة امل الأستاذ هيثم جمعة  قال فيها: نعود إلى عاشوراء الى ذكرى استشهاد سيد الشهداء الحسين بن علي حيث يتجدد العهد مع الحسين في مسيرته الجهادية نأخذ منها نتزود من معانيها ننطلق في الحياة بذات الخطى وبذات الإيمان وبذات الثبات، الإمام الحسين البقية الباقية من الانسان الإلهي الذي تربى في مدرسة رسول الله (ص) مدرسة الحق والعدل والخير والحرية، لم يتردد من طلب الحق ومشى ولم يلتفت إلى قوم خذلوه وأجمعوا على ظلمه لأنه آمن أن النفس في طهارتها وبذلها في سبيل الله والإنسان هي رحلتها الحقيقية إلى الله.

شهادة الحسين سر إلهي يدل على نفسه وعلى سمو ذاتيته فالشهادة كانت سامية بذاتها وبأهدافها فهي رسالة إنسانية وليست موقفاً فئويا وعشائريا. تحرك الحسين عليه السلام لأنه وجد أن الحق لا يعمل به وان الباطل لا يتناهى عنه وان الحاكم الظالم يتمادى في ظلمه وفي اغتصاب حرية الناس وفي مخالفته شريعة الله وقتله الناس بغير حق، وبسلاح الدين، فهل يسكت الحسين ويترك مصير الناس بأيدي الظالمين، وهو من ذلك البيت الذي يتحرك أهله من حدود دينهم وفضائله لا من حدود أنفسهم.

هو من قوم إذا سلوا السيف سلوه في سبيل الله، وإذا اغمدوه كان في سبيل الله وإذا استشهدوا فهو عطاء وانفاق للنفس في سبيل الله. لذلك إن عاشوراء هي امتداد للخط الإيماني التصاعدي المتماسك، الذي انطلق مع رسول الله(ص) إلى أمير المؤمنين (ع) فإلى الحسين (ع) صاحب الحركة القوية في ظاهرها وباطنها وتقدمها وارتفاعها إلى مقام الشهادة في سبيل الله، من هنا شمولية عاشوراء ومن هنا عظمتها وخلودها وبقائها في القلوب والضمائر تجدد وترسم الطريق.

إننا نلبي دعوة الامام الحسين إلى هذا المؤتمر السنوي والعالمي لنتزود من معينه المتجدد دائماً والمستمر من استمرت الحياة الانسانية لان هذه الثورة كانت ثورة الحرية وثورة القيم الانسانية والإلهية خاصة والامام الحسين قد خرج من أجل الإصلاح لمواجهة الفساد والانحراف، ومن أجل العدل لمواجهة الظلم.

إن ثورة الامام الحسين(ع) هي الدافع الحقيقي لعملية الاصلاح الشامل في المجتمع، فلذلك عندما نجتمع في عاشوراء يجب ان ننمي الوعي في المجتمع وان نستفيد من حركية عاشوراء وديناميكيتها في مجتمعنا وفي ثقافتنا وفي تربيتنا وفي ممارستنا السياسية في معالجة احوال الناس في الاقتصاد والسياسة. لذلك ان عاشوراء فرصة لنا للحفاظ على القيم والأهداف واذا ما نجحنا في الافادة منها نكون قد عبرنا الامتحان ونكون على قدر تضحيات الامام الحسين.

إن المجالس الحسينية هي المدرسة الحقيقية التي يتخرج منها الانسان ثائرا حيث ينهل منها الصدق والامانة وفضائل الشهادة وتقوى الله والاهم الالتزام بقضايا الناس.

إننا في حركة أمل والتي تنتسب إلى هذه المدرسة الحسينية لا بل إن إرثها هو في ثورة الامام الحسين، سنكون على دربه من أجل العدالة الشاملة ومن أجل الانسان وسعادته وتقدمه، لأجل ذلك اننا مؤتمنون على هذا الوطن وسلمه الداخلي وعلى العيش الواحد وعلى تحقيق المواطنة ونعتبر ان الحفاظ على لبنان من المخاطر هو واجب شرعي ووطني واننا نعتبر ان الخطر الاسرائيلي هو التهديد الأساسي للبنان ولتاريخه وحضارته ووحدته الوطنية ولسلمه الاهلي ولكل مقدراته وان تمسكنا بمكامن قوتنا على رأسها المقاومة، والحفاظ عليها وصيانتها هو واجب شرعي وأخلاقي ووطني.

إن المقاومة هي الضمانة الحقيقية للوطن والمجتمع. وهي إلى جانب الجيش والشعب معادلة وطنية ثابتة أمام طغيان هذا العدو الجائر الذي لا يفهم إلا لغة القوة. فلا يجوز أبداً أن نضيع مكامن قوتنا أمام هذا العدو المتربص بأرضنا وسمائنا ومياهنا وتاريخنا وتراثنا، إن المقاومة هي حصن لبنان وسور أمانه وهي إلى جانب الجيش اللبناني ضمانة الاستقرار وضمانة الوحدة الوطنية، وبمناسبة عيد الجيش نتقدم من الجيش اللبناني قيادة وضباطا وافرادا بالتهنئة والتحية والتقدير، فهم درع الوطن وحماة السلم الأهلي وهو العين الساهرة على حماية الوطن والمواطن.

إن المطلوب اليوم أن يكون بحثنا في كيفية الحفاظ على وطننا والخروج من أزماته، ونخبر الدنيا بالقول والفعل أننا هنا باقون صامدون مستمرون نحفظ وطننا وانسانه ووحدته وسيادته وحريته وانفتاحه وازدهاره. علينا أن ننتبه لما يخطط لهذا البلد الذي يحمل تاريخاً حضارياً وثقافيا وإنسانيا، علينا أن ننتبه للحملات الإعلامية التي تشوه صورة لبنان وصورة المخلصين من أبنائه، وتطال مرتكزات الوحدة الوطنية وبتهليلها لمشاريع التقسيم والفدرلة التي تؤدي إلى مآس وكوارث جرّبها اللبنانيون وذاقوا الأمرّين منها، لذلك ندعو إلى صيانة هذا الوطن وصيانة الوحدة الوطنية والتطلع إلى المستقبل من خلال العودة إلى المؤسسات وتفعيل عمل الاجهزة الحكومية واستكمال عملية الإصلاح والعبور بلبنان من واقع التأزيم السياسي إلى رحاب الاستقرار والتطور والازدهار، وعلينا أن نبدأ:

أولاً: بالتخلص من النظام الطائفي الذي يمنع تقدم لبنان وازدهاه والمبادرة فوراً الدعوة إلى انشاء نظام قائم على إلغاء الطائفية السياسية نظام العدالة وتكافؤ الفرص والمساواة بين المواطنين في الحقوق والواجبات.

ثانياً: الشروع ودون إبطاء بعملية الإصلاح وتنفيذ خطة التعافي الاقتصادي والنقدي وتشديد الرقابة التي تحمي ودائع وحقوق اللبنانيين.

ثالثاً: حماية الزراعة والصناعة وتحويل الاقتصاد اللبناني إلى اقتصاد منتج وحماية الانتاج اللبناني وحماية اليد العاملة اللبنانية وتعزيزها. حل مشاكل المواطنين بدءاً من أزمة الكهرباء والدواء والرغيف والمحروقات وكل ما يتعلق بالعناوين الاجتماعية.

رابعاً: نؤكد على التمسك بحقوقنا السيادية المشروعة في البر والبحر والجو والإسراع بإنجاز الإجراءات اللازمة للبدء بالاستفادة من ثرواتنا النفطية والغازية والمائية، وضرورة التمسك باتفاق الإطار والآليات التي حددها كما انجزه دولة الرئيس نبيه بري. مع الإشارة إلى أن وحدة الموقف الرسمي والشعبي اللبناني إلى جانب المقاومة تبقى عاملاً حاسماً في الحصول على حقوق لبنان كاملة.

أما في ما خص الاستحقاقات الدستورية، علينا أن نعمل وانطلاقاً من المسؤولية الوطنية ندعو الجميع الى تسريع تشكيل الحكومة للقيام بما هو مطلوب وكذلك العمل على انتخاب رئيس للجمهورية في موعده الدستوري منعاً للفراغ ومنعا لزيادة المآسي على الشعب اللبناني.

إننا اليوم وفي الرابع من آب الذكرى المشؤومة لانفجار مرفأ بيروت أود التأكيد على ما يلي:

  • إن هذه الكارثة أصابت اللبنانيين جميعاً في أنفسهم وفي شعورهم وكانت الخسارة كبيرة، إننا إذ ننحني إجلالاً للشهداء الذين سقطوا وللجرحى الذين عانوا من جراحاتهم، وللأهل الذين تألموا لفراق الأحبة وما يزالون، نعلن باسم حركة أمل اننا إلى جانبهم ولن يهدأ لنا بال حتى تحقيق العدالة كاملة، ومن موقع المحب والمخلص ندعو جميع الحريصين على تبيان الحقيقة وخاصة أهالي الشهداء إلى إبعاد هذا الملف عن السياسة وإبقائه تحت سقف القوانين وفي حصن العدالة. لأن العدالة وإن تأخرت ستصل حتما الى احقاق الحق، إن ادخال موضوع انفجار المرفأ في البازار السياسي يضيع الحقوق، نقول لأهالي الشهداء، أنكم تملكون قوة الحق المتمثلة بدماء الشهداء، فلا تسمحوا لأي كان باستغلال هذه القضية للمصالح السياسية لأي استغلال حزبي أو طائفي يحرف هذه الحقيقة عن طهارتها ومكانتها الوطنية والإنسانية.

سيدي الامام الصدر من مدرسة عاشوراء التي نتعلم فيها مبادىء الجهاد والثبات والصبر والمقاومة نعاهدك قيادة وكوادر ومجاهدين الا يغمض لنا جفن او تبرد لنا همة من اجل عودتك سالما ورفيقيك فأنت من بث فينا روح الصمود والنضال والقوة وبهذه القوة ومنطق القوة ومنطق الحق نقول للأقربين وللأبعدين ان لا مساومة ولا تراجع عن تحرير الامام الصدر ورفيقيه ولن نسمح لأي كان مهما كان قريب أو بعيد ان يسيء الى هذه القضية وسموها وعدالتها. ايها السيد كما علمتنا وكما اردتنا سنكون احراراً ولنا أسوة بالامام الحسين (ع) أما السلة واما الذلة وهيهات منا الذلة. عظم الله لكم الاجر والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

وفي الختام تلا الشيخ حسن بزي مجلس عزاء حسيني.