الطبقة الرأسمالية في مصر: نصف قرن من الهيمنة على حساب الفقراء بقلم الفقير. نادى عاطف
على مدار الخمسين عامًا الماضية، شهدت مصر تحولاً ملحوظًا في تركيبة الطبقات الاجتماعية والاقتصادية، حيث لعبت الطبقة الرأسمالية دورًا بارزًا في تشكيل المشهد الاقتصادي والسياسي. ومع ذلك، فإن هذا الدور لم يكن لصالح الغالبية العظمى من الشعب المصري، بل جاء على حساب فقراء البلاد الذين تحملوا عبء السياسات الاقتصادية غير المتوازنة.
التحالف مع الأنظمة السياسية
تميزت العلاقة بين الطبقة الرأسمالية والأنظمة السياسية المتعاقبة في مصر بالتحالف الوثيق. فمنذ حقبة الانفتاح الاقتصادي في سبعينيات القرن الماضي، ظهرت سياسة جديدة هدفت إلى تحرير الاقتصاد وجذب الاستثمارات الأجنبية. إلا أن هذه السياسات كانت في الغالب تُصاغ لخدمة مصالح فئة معينة من رجال الأعمال الذين أصبحوا شركاء للسلطة.
هذا التحالف منح الطبقة الرأسمالية تسهيلات كبيرة، مثل الخصخصة المفرطة وبيع أصول الدولة بأسعار زهيدة. أدى ذلك إلى تركيز الثروة في أيدي عدد قليل من الأفراد، بينما ظل الفقراء يعانون من تدهور الخدمات العامة، مثل الصحة والتعليم.
الثروات الطائلة والسيارات الفارهة
أصبحت ملامح الثراء الفاحش واضحة في حياة الطبقة الرأسمالية، حيث اقتنت أفخم السيارات وشيدت القصور الفارهة في المناطق الراقية، وراكمت الأموال في البنوك المحلية والأجنبية. في المقابل، عانى الملايين من المصريين من تدني مستويات المعيشة، وازداد الفقر تفاقمًا مع تصاعد الأسعار وتدهور قيمة الجنيه المصري.
الانعكاسات على الفقراء
كانت الغالبية العظمى من المصريين هم الخاسر الأكبر في هذه المعادلة. فقد أدى ضعف السياسات الاجتماعية إلى تفاقم مشكلات مثل البطالة، وانخفاض الأجور، وغياب العدالة الاجتماعية. كما ساهمت السياسات الاقتصادية النيوليبرالية في إضعاف الصناعات المحلية، ما زاد من اعتماد البلاد على الواردات وأثر سلبًا على فرص العمل.
هل من مخرج؟
لا يمكن تحقيق العدالة الاجتماعية وإعادة التوازن الاقتصادي إلا من خلال تبني سياسات تنموية شاملة. يتطلب ذلك إصلاحات جذرية تضمن توزيعًا أكثر عدالة للثروة، ودعم الفقراء من خلال تعزيز الخدمات العامة وإيجاد فرص عمل حقيقية. كما أن مكافحة الفساد وفرض رقابة صارمة على الثروات المكتسبة بطرق غير مشروعة هما مفتاحان أساسيان لتحقيق هذا الهدف.
في النهاية، تبقى قضية الطبقة الرأسمالية والفقراء في مصر تحديًا مستمرًا يتطلب إرادة سياسية قوية وإصلاحات هيكلية لضمان حياة كريمة للجميع.