تحالف متحدون: الفصل الأخير من مسرحية سرقة العصر: قنابل موقوتة ومحاولات مشبوهة جديدة لتبديد الودائع

تحالف متحدون: الفصل الأخير من مسرحية سرقة العصر: قنابل موقوتة ومحاولات مشبوهة جديدة لتبديد الودائع

 

انقضت أكثر من خمس سنوات على احتجاز أموال المودعين في مصارف لبنان، وإلى الآن لم نجد حلاً للملف رغم الوعود والتأكيدات الكثيرة، ولا يزال المودعون يرفعون الصوت مطالبين بتحرير ودائعهم. فهناك تراخ حكومي ونيابي في حل أزمة المودعين، يرقى إلى حد التواطؤ الموصوف مع المصارف. وجاء التواطؤ مؤخراً على شكل مشروع قانون طرحته الكتلة النيابية التابعة لـ “التيار الوطني الحر” ليبقى “قنبلة موقوتة”، حيث أثار جدلاً واسعاً واعتبره المودعون تهديداً لحقهم في استرجاع أموالهم. أخطر ما جاء في مشروع القانون هو المادة الخامسة المتعلقة بتسديد ديون المودعين التي تنص على فك الارتباط بين المصارف والمودعين. “الصندوق الأسود” السيادي! وتنص هذه المادة أيضاً على أنه “يمكن لمن يرغب من المودعين طلب تسجيل الوديعة المترتبة له بذمة أي مصرف تجاري لبناني لغاية 3 ملايين دولار أميركي في سجل الودائع الذي سيصار إلى إنشائه لدى “مؤسسة ضمان الودائع”، بهدف تمكين هذه المؤسسة من شراء الوديعة على مراحل حسب الإمكانات المتوفرة والناتجة عن حصة المؤسسة في أرباح الصندوق، وأي هبات تتلقاها المؤسسة من الخزينة اللبنانية وفقا لشروط محددة، منها ما يتعلق بمصدر الوديعة، حيث يتم تحويل الودائع القائمة بتاريخ 1 أكتوبر 2019 من الليرة اللبنانية إلى الدولار الأميركي حسب سعر الصرف 1515 ليرة للدولار الواحد، شرط ألا تكون الوديعة أو الزيادة عليها قد نشأت بعد هذا التاريخ باستثناء ودائع الأجراء والموظفين التي نشأت بسبب علاقة العمل أو الوظيفة. فما هو هذا الصندوق الأسود ومن أين يأتي تمويله؟ جاء هذا المشروع متبنياً طرح التيار المعلن منذ عام ٢٠٢٠ الذي يقضي بتحويل الودائع الى ديون سيادية بدل معالجة الخسائر. فبعد تأسيس الصندوق، ستنتقل إليه ملكيّة جميع أصول الدولة اللبنانيّة التي يعددها مشروع القانون، والتي ستتحوّل فوراً إلى شركات مساهمة لبنانيّة تخضع لقواعد القانون الخاص، وتحوّل ملكيّتها إلى الصندوق. كل هذا سيتم برعاية مجلس إدارة مكوّن من المدراء العامّين في مديريّات الماليّة والأشغال العامّة والموارد المائيّة والكهربائيّة والاقتصاد والنقل والإنشاء، بالإضافة إلى مديري الاستثمار والتجهيز في وزارة الاتصالات. هكذا، سيكون بإمكان المجلس هذا نفسه، المكوّن من سبعة مدراء عامّين، الموافقة على بيع أي من الأصول العامّة التي يملكها الصندوق في المستقبل، عبر بيع “أسهم الشركات” التي يملكها الصندوق! تمكين المصارف من التخلص من التزاماتها! أمّا عن كيفيّة رد أموال المودعين بموجب المشروع هذا، فهو عبر إنشاء سجل خاص للودائع، يجري بموجبه شراء الوديعة من قبل مؤسسة ضمان الودائع التي تحلّ محلّ المودع في علاقته مع المصرف. وبذلك سيتخلّص المصرف من التزامه تجاه المودع، وتتحوّل الوديعة إلى التزام على مؤسسة عامة، وما أدراك ما ذلك! وفي المقابل، سيصبح المصرف مديناً لمؤسسة ضمان الودائع في المستقبل، بدل أن يكون مديناً للمودع. باختصار هذا الصندوق معدّ ليس لحفظ الأصول العامّة أو رد الودائع، بل على العكس، التفريط بهذه الأصول بعرضها للبيع في عمليّة خصخصة شاملة، وتحويل خسائر المصارف والتزاماتها تجاه المودعين، إلى ديون معلّقة على الشعب اللبناني! ويبقى السؤال الأهم: كيف طرح التيار هذا المشروع في ظل غياب مشروع إعادة هيكلة مصرفية؟ وكيف سيتم تحديد حجم الأصول العامّة المنوي استثمارها، أو نسبة العوائد التي ستسدد خسائر المصارف؟ خطط جديدة حكومية لاسترداد الودائع فيما تتلهّى الأوساط الاقتصادية في لبنان بتصنيف المصارف “جهّزت” السلطة النقدية خطّة جديدة من أجل استرداد الودائع، منسّقها الرئيسي هو “مصرف لبنان”، الذي بعكس ما يحاول الإيحاء به، يرسم خطوطها العريضة ويهندس فقراتها، كما يحاول إقناع رؤساء الكتل النيابية الكبيرة بالسير بها عند طرحها. أمّا الخطوط العريضة لتلك الخطّة فتتلخّص بصورة مبدئية بحذف الفوائد المراكمة على أصل كلّ وديعة من الودائع، فوق 2%، أي أنّ من حصّل فوائد بقيمة 10% مثلاً، تُشطب منها 8% ويبقى 2% فقط. كذلك دفع أوّل 100 ألف دولار من كلّ وديعة “مؤهّلة”، مع التمييز بين تسميتين: “المودع”، وهو من لديه 100 ألف دولار وما دون، و”المستثمر” الذي يملك ما يفوق 100 ألف دولار. هذا غير “الفبركات” الخاصة بصناديق التعويضات وحسابات المنظّمات غير الحكومية، إضافة إلى ضخّ 4 مليارات “دولار فريش” في القطاع المصرفي، بشكل فوري وموحّد، باعتبارها ودائع المودعين المؤهّلة، وستكون على شكل سيولة في صناديق المصارف التي ستتمكّن من استخدامها في التسليف! ختاماً ومع إثبات المصارف والمركزي والحكومة وحتى المجلس النيابي بأنها، اليوم أكثر من أي وقت مضى، ليست أهلاً لا لثقة المودعين ولا الشعب اللبناني، يبقى الرهان الحقيقي على كل مواطن صالح وكل مودع من صغار المودعين أو كبارهم ممّن لا يرضون الظلم والخديعة والسرقة والفساد أن يتّحدوا معاً كي يبدؤا العمل على الإجراءات اللازمة للإطاحة بهذا المشروع الشيطاني ومن يسوّق له والذي سيكمل الفصل الأخير في مسرحية سرقة العصر.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *